للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.

أي: قل يا محمد لهؤلاء المعاندين الجاحدين النبوة والتنزيل بعدما ظهر لهم أنه الحق: جولوا في بلاد المكذبين قبلكم وانظروا في مساكنهم التي خلفوها بعدما نزل بهم العذاب والعطب وخزي الدنيا وعارها، وتفكروا فيما صاروا إليه من البوار وخراب الديار وعفوِّ الآثار. قال قتادة: (دمَّر الله عليهم وأهلكهم، ثم صيّرهم إلى النار).

قال الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: (لما فتحت قبرس فرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).

وأخرج أبو داود بسند صحيح عن عمرو بن مُرّة قال: سمعت أبا البختري يقول: أخبرني مَنْ سَمعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: [لَنْ يَهْلِكَ الناسُ حتى يُعْذَروا مِن أنفسهم] (١).

في مسند الإمام أحمد من حديث أم سلمة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [إذا ظهرت المعاصي في أمتي عَمَّهم الله بعذاب من عنده. فقلت: يا رسول الله، أما فيهم يومئذ أُناسٌ صالِحون؟ قال: بلى. قلت: فكيف يُصْنَعُ بأولئك؟ قال: يصيبهم ما أصابَ الناسَ، ثم يصيرون إلى مغفرةِ من الله ورضوان] (٢).

١٢ - ١٦. قوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن -حديث رقم- (٤٣٤٧) - في الملاحم، باب الأمر والنهي. وأخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٦٠)، (٥/ ٢٩٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٣٠٤)، والبيهقي في "الشعب" (٢/ ٤٤١/ ٢) من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>