للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج البخاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة -وقد كتب إلى معاوية-: [أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دُبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانعَ لما أعْطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنك الجَدّ] (١). وقال الحسن: جَدٌّ: غِنىً.

والخطاب في الآية من الله سبحانه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، يثبِّتُه على ما يلقى من قومه، كما قال ابن جرير: (يا محمد، إنْ يصبك الله، {بِضُرٍّ} يقول: بشدة في دنياك، وشظف في عيشك وضيق فيه، فلن يكشف ذلك عنك إلا الله الذي أمرك أن تكون أول من أسلم لأمره ونهيه، وأذعن له من أهل زمانك، دون ما يدعوك العادلون به إلى عبادته من الأوثان والأصنام، ودون كل شيء سواها من خلقه، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ} يقول: وإن يُصِبْكَ بخير، أي: برخاء في عيش، وسعة في الرزق، وكثرة في المال، فتقرّ أنه أصابك بذلك {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}

قال ابن كثير: (أي هو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقَهَرَ كلَّ شيء ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلالهِ وكبريائه وعظمته وعُلُوِّه وقدرته الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت حُكْمِه وقَهْرِه. {وَهُوَ الْحَكِيمُ}، أي في جميع ما يَفْعَلُه، {الْخَبِيرُ} بمواضع الأشياء ومحالِّها، فلا يعطي إلا لمن يستحق، ولا يمنع إلا من يستحِق).

أخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه، بسند على شرط البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت: [كان إذا تَضَوَّر (٢) من الليل قال: لا إله إلا الله الواحد القَهَّار، ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينهما العزيز الغَفَّار] (٣).

وفي الصحيحين عن ابن عباس: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو عند الكرب: [لا إله إلا الله


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨٤٤) - كتاب الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة. وأخرجه مسلم (٥٩٣)، وأبو داود (١٥٠٥)، والنسائي (٣/ ٧٠)، وأحمد (٤/ ٢٥٠)، والبيهقي (٢/ ١٨٥).
(٢) أي تلوى وتقلب.
(٣) حديث صحيح. أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٥٤٠)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٧٥٣)، وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل" ص (٤٣)، وابن حبان (٢٣٥٨). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٢٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>