الأقرب للتأويل الصحيح والأنسب لمقام نبوة أبينا آدم - عليه الصلاة والسلام - والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}.
إنكار من الله على المشركين عبادتهم آلهة مخلوقة - من الأنداد والأصنام والأوثان - خلقها الله كما خلقهم وهي لا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تبصر، بل هم عابدوها أكمل منها بما أودعهم الله تعالى من الصفات.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٥, ٩٦].
٢ - وقال تعالى: {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: ٢٠].
٣ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٧٣, ٧٤].
٤ - وقال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤].
قال الجشميّ: (تدل الآية على صحة الحجاج في الدين، لأن قوله: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ} الآية - حجاج. وتدل على أن المستحق للعبادة الذي يخلقُ وينعمُ ويقدر على النفع والضر هو الله تعالى).
وقوله تعالى: {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}.
أي: إن هذه الآلهة التي اتخذها القوم من دون الله لا تنصر ولا تنتصر. فهي لا تملك لعبدتها نصرًا إذا حَزَبَهُم أمر، بجلب نفع أو دفع ضر. ولا تستطيع الدفاع عن نفسها إذا اعتراها حادث من الحوادث.
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}.
قال ابن كثير: (يعني: أن هذه الأصنام لا تسمع دعاء من دعاها، وسواء لديها من دعاها ومن دَحاها، كما قال إبراهيم: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]).