يقصرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين تُمْسِك عنهم). وقال أيضًا:(هم الجن، يوحون إلى أوليائهم من الإنس {ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}، يقول: لا يسأمون). وقال ابن جريج، قال عبد الله بن كثير: (وإخوانهم من الجن يمدون إخوانهم من الإنس، {ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}، يقول: ثم لا يقصر الإنسان. قال: و"المد" الزيادة، يعني أهل الشرك. يقول: لا يُقصر أهله الشرك كما يقصر الذين اتقوا، لا يرعَوُون، لا يحجزهم الإيمان). وقال مجاهد:({وَإِخْوَانُهُمْ} من الشياطين، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}، استجهالًا).
والخلاصة في قوله:{ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} أحد تأويلين متكاملين:
١ - التأويل الأول: الشياطين تمد، والإنس لا تقصر في الامتثال، وركوب سبيل الغي والضلال. كما ذكر ابن عباس:(لا الإنس يُقصِرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم).
٢ - التأويل الثاني: الشياطين يمدون أولياءهم من الإنسان دون كلال أو ملل أو تقصير. قال ابن عباس - في رواية العوفي عنه -: (هم الجن، يوحون إلى أوليائهم من الإنس، {ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}، يقول: لا يسأمون).
وفي التنزيل:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}[مريم: ٨٣]. قال ابن عباس وغيره:(تُزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا). وقال ابن كثير:(يعني أن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس ولا تسأم من إمدادهم في الشر، لأن ذلك طبيعة لهم وسجية {لَا يُقْصِرُونَ}، لا تفتر فيه ولا تَبْطُل عنه).
المقصود: هم يريدون رؤية معجزة أو خارق كما هو شأن الأمم من قبل، سألوا الخوارق والمعجزات، فلما أتتهم استكبروا وأصروا على العناد والبغي. ومن أقوال المفسرين:
١ - قال ابن عباس:({قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}، يقول: لولا تلقّيتها). وقال:(لولا أحدثتها فأنشأتها).