للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثالث: روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [إنّ الشيطان قد أيِسَ أن يعبدَه المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم] (١).

وقوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}.

قال مجاهد: ({إِنَّمَا سُلْطَانُهُ}: حجته. {عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} , قال: يطيعونه). وقال قتادة: ({إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} يقول: الذين يطيعونه ويعبدونه). وقال الضحاك: ({وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} - عدلوا إبليس بربهم، فإنهم بالله مشركون). وقال مجاهد: (يعدلون بربّ العالمين). وقال الربيع: (أشركوه في أعمالهم). قال ابن كثير: (ويحتمل أن تكون الباء سببية، أي: صاروا بسبب طاعتهم للشيطان مشركين بالله تعالى. وقال آخرون: معناه أنه شرِكهم في الأموال والأولاد).

قلت: وكل ما سبق داخل في مفهوم الآية، فإن الشيطان يكتسب سلطانه من خضوع الناس له وطاعتهم لأوامره ووساوسه، حتى يضعف المطيع له أكثر وأكثر، وربما يحصل التلبّس والمسّ والصرع والدخول المؤذي وما يرافقه من النفث في العقد والسحر وغير ذلك.

ومن هنا جاءت النصوص الشرعية بمخالفته واتخاذه عدوًا فإنه رجيم.

ففي التنزيل:

١ - قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: ١٦٨].

٢ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: ٢٠٨].

٣ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: ٢١].

وفي صحيح السنة - في آفاق معنى الآية - أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا قرأ ابن آدم السجدةَ فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أُمِرَ ابنُ


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٣٨). وانظر مختصر صحيح مسلم (١٨٠٤)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ١٣٤٠) - لتفصيل البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>