والمقصود: أنّ خلق آدم كان من سلالة -وهي المستلة- من كل تربة من ترب الأرض المختلفة، قبضها الله تعالى وأوجد منها آدم عليه السلام.
أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن الله خَلق آدم من قَبْضَةٍ قبضَها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض: جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسَّهلُ والحَزْنُ والخبيثُ والطيب](١).
أي: ثم جعلنا النسل المتتابع بعد الخلق الأول نطفة تتوضع في الرحم في مكان مُعَدّ لذلك، قد هُيِّئَ ليستقر فيه الجنين إلى بلوغ أمره. فالضمير في قوله {جَعَلْنَاهُ} عائد على جنس الإنسان.
إخبار عن انتقال من حال إلى حال، حتى يتشكل الإنسان في أحسن تقويم، فالنطفة -وهي الماء الدافق الذي يخرج من صُلب الرجل، وهو ظهره، وترائب المرأة، وهي عظام صدرها ما بين الترقُوة إلى السرة- تصير علقة حمراء. قال عكرمة:(وهي دم). أي: قطعة من دم، ثم تصير مضغة، أي: قطعة من لحم، لا شكل فيها
(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٦٩٣)، والترمذي (٢٩٥٥)، وأحمد (٤/ ٤٠٠)، (٤/ ٤٠٦)، والحاكم (٢/ ٢٦١ - ٢٦٢)، وابن حبان (٦١٦٠). وانظر صحيح أبي داود (٣٩٢٦).