للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظيفتهم وربحوا الجولة على موسى. فأجابهم: نعم وبكل تأكيد إنكم ستكونون من أخص المقربين، ومن أقرب الجلساء والمعنيّين.

وقوله تعالى: {قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ}.

أي: لما اطمأنوا من فرعون على ما يطمحون لديه من المنزلة بعد النصر، عادوا إلى مقام المناظرة. وفي الكلام اختصار يفسره قوله تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُوا} [طه: ٦٥ - ٦٦].

فألقوا حبالهم وعصيهم التي تشكل أدوات سحرهم وأقسموا بعزة فرعون ليكونن من يكسب هذه المنافسة والمناظرة. قال النسفي: (أقسموا بعزته وقوته وهو من أيمان الجاهلية). قال ابن كثير: (وهذا كما يقول الجهلة من العوام إذا فعلوا شيئًا: هذا بثواب فلان).

وقوله تعالى: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}.

فيه اختصار لتفصيل أكبر ورد في سورة الأعراف وطه.

١ - قال تعالى: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ١١٦].

٢ - وقال تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: ٦٦ - ٦٩].

٣ - وقال ها هنا: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}. قال ابن جرير: (يقول: فإذا عصا موسى تزدرد ما يأتون به من الفرية والسحر الذي لا حقيقة له، وإنما هو مخاييل وخدعة).

والمقصود: أن عصا موسى تحولت بإذن الله إلى حَيَّة تخطف وتبتلع كل أدوات مكر السحرة ضمن مشهد رهيب.

وقوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}.

قال عكرمة: (أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء).

فنصر الله الحق في يوم مشهود، وكان نصرًا كبيرًا مؤزرًا خُذِلَ فيه فرعون بغطرسته أيما خذلان، إذ استنصر بالسحرة ومهّد لهم من الوعود والآمال الكبيرة، فإذا بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>