الأموات فيتعارف منها ما شاء اللَّه أن يتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت ويُرسل الأخرى إلى أجسادها).
وعن السدي قال:(تُقْبَضُ الأرواح عند نيام النائم فتقبضُ روحه في منامهِ، فتلقى الأرواح بعضها بعضًا أرواح الموتى وأرواح النيام، فتلتقي فتتساءل. قال: فيخلى عن أرواح الأحياء فترجع إلى أجسادها وتريد الأخرى أن ترجعَ فَيَحْبِس التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، قال إلى بقية آجالها). قال ابن عباس:(يمسك أنفس الأموات ويرسل أنفس الأحياء).
وقد ذكر هذا المعنى الحافظ ابن كثير في التفسير حيث قال:(فيه دلالة على أنها تجتمع في الملأ الأعلى، كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إذا آوى أحدكم إلى فراشهِ فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعهُ، إن أمسكتَ نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادكَ الصالحين]).
التأويل الثالث: قيل المرادُ التمييز بينَ النفس والروح.
فقد رُوي عن ابن عباس قوله:(في ابن آدم نفس وروح بينهما شعاع مثل شعاع الشمس، فالنفس هي التي بها العقل والتمييز، والروح هي التي بها النفس والتحرك، فإذا نام العبد قبض اللَّه نفسه ولم يقبض روحه).
التأويل الرابع: قيل بل المراد التعريف بميكانيكية الرؤيا والأحلام.
فقد ذُكر عن علي رضي اللَّهُ عَنْهُ قوله:(تخرج الروحُ عند النوم ويبقى شعاعها في الجسد فبذلك يرى الرؤيا فإذا انتبهَ من النوم عاد الروح إلى جسدهِ بأسرع من لحظة). كما ذكر عنه قوله:(ما رأت نفس النائم في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت بعد الإرسال فيلقنها الشيطان فهي كاذبة).
قلت: وهذا البحث من أدق الأبحاث في الإسلام وأكثرها غموضًا عند كثير من الناس فضلًا عن مشايخهم، وهو من الأمور الغيبية التي أطلعنا اللَّهُ على بعض دقائقه وتفصيلاته. والراجح لدي في معنى الآية هو التأويل الأول، فيتوفى اللَّه الأنفس التي انقضت آجالها، فتفارق أرواحها أبدانها، وتبطل التصرفات منها بالكلية، وأما التي ما زالت تنتظر بقية ما قُسِمَ وقُدِّرَ لها، فيحصلُ لها موت جزئي في منامها، فإن النومَ