للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥]. فالنفسُ هنا تشمل هذه الأحاسيس والمشاعر والرغبات وما تتمناه الغرائز فهي تشملُ من الجسد والروح معًا.

وفي صحيح مسلم عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما من نفس تموت لها عند اللَّه خير يسُرُّها أن ترجعَ إلى الدنيا، وأنَّ لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجعَ إلى الدنيا فيُقتل مرةً أخرى، لما يرى من فضل الشهادة] (١).

وبين النفس وبين الروح والقلب صلة من النسب، ففي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي وابن ماجه وصحيح ابن حبان بسند حسن عن معاذ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما من نفسٍ تموتُ وهي تشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، يرجع ذلكَ إلى قلب موقن، إلا غفر اللَّه له] (٢).

وكذلكَ في الصحيحين عن علي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب اللَّه مكانها من الجنةِ والنار، وإلا قد كُتِبَت شقية أو سعيدة، قيل: أفلا نتكل؟ قال: لا، اعملوا، ولا تتكلوا، فكلٌّ ميسرٌ لما خُلق له، أما أهل السعادة فييسّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسّرون لعمل أهل الشقاوة] (٣).

وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما من نفس منفوسةٍ اليوم، يأتي عليها مئة سنة وهي يومئذ حية] (٤). ومعلوم أن السعادة في الدنيا والآخرة على الروح والجسد معًا، وأن الحياةَ تطلق على الجسمِ وأما الروح فلا تموت، وإنما تلازم الإنسان في الدنيا ثم تقبض من جسده الذي يفقد حركته بخروجها ثم يعرجُ بها إلى السماء، فتستقبلُ إن كانت مؤمنة روح مؤمن، وترفضُ إن كانت خبيثة روح خبيث، ثم تعاد إلى قبرهِ فيعيش فيها حياة البرزخ ينعم في قبره بروحه وجسده أو يشقى في قبره بروحهِ وجسده. كما في حديث البراء وفيه: [ثمّ يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فيردُ إلى الأرض، وتعاد روحهُ في جسدهِ، فإنّه يسمع خفقَ نعال أصحابهِ إذا ولوا عنه مدبرين،


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (١٨٧٧) - كتاب الإمارة - ح (١٠٨)، ح (١٠٩)، باب فضل الشهادة في سبيل اللَّه تعالى.
(٢) حديث حسن. أخرجه ابن ماجة (٢/ ٤١٩)، وابن حبان (٥)، وأحمد (٥/ ٢٢٩)، ورواه النسائي في "اليوم والليلة" (١١٣٦ - ١١٣٩). وانظر السلسلة الصحيحة (٢٢٧٨).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (١٣٦٢)، وأخرجه مسلم (٨/ ٤٦ - ٤٧).
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٥٣٨)، كتاب فضائل الصحابة، ح (٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>