فيأتيهِ ملكان شديدًا الانتهارِ فينتهرانهِ. . . .] الحديث. ثم قال في الكافر أو الفاجرِ حيث لم تستقبل روحه: [أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرحُ روحه من السماء طرحًا حتى تقع في جسده ثم قرأ:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}، فتعادُ روحه في جسدهِ، فإنه ليسمعُ خفق نعال أصحابهِ إذا ولوا عنه. .] الحديث. رواه أبو داود والحاكم.
فائدة: قلت: وبين الفؤاد والعقل والقلب والنفس والروح صلة من النسب، فالفؤادُ يشمل العقلَ والقلب وهو موضع تكليف وسؤال يوم القيامة كما قال سبحانهُ في سورة الإسراء:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٦]. وكما في سورة الأحقاف:{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[الأحقاف: ٢٦]. وكقوله في سورة الأنعام:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأنعام: ١١٠].
والقلبُ هو مركز التفكير والفقه والفهم وليس العقل الذي في الدماغ، بل إن الدماغ متأثر بالقلب الذي هو من جهة مركز حياة الأبدان وموجه حركتها وبتعطله تتعطل الحياة، ومن جهة ثانية فهو مركز الفكر والعقل والفهم والفقه، كما قال جل ثناؤه في سورة الحج:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: ٤٦]. وكما قال سبحانه في سورة الأعراف:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف: ١٧٩].
ولكن القلب متصل بذلكَ بالنفس وما تتميز به من تفاعل مع الغرائز وإحساس ومشاعر، ومتصل بالروح بل الروح متصلة بكل هذه الأجزاء محركة لها. فإن قال قائل: لو استبدلنا قلب إنسان بآخر فماذا يجري لعواطفهِ ومشاعره وروحهِ ما دمتم تقولون إن القلب هو مركز التكليف والنية، وإنه يُسمعُ اليوم مثل هذا الاستبدال في الطب ونقل الأعضاء لظروف مرضية؟ قلنا واللَّهُ المستعان: إن القلب ليس وحده الذي يتحرك بل هو جزء من شبكة معقدة جدًا تسري فيها الروح وتنبثق منها عملية الفهم