للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا قولُهم الثّالثُ، وهوَ أنْ يكونَ ما يتحقَّقُ فيهِ عارضًا مِنْ عوارضِ ما يختلفُ بهِ وإنْ كانَ جائزًا، فإنَّهُ لا يجوزُ هنا، لأنَّهما إمّا أنْ يختلِفا بالوجوبِ والوجودِ ويعرضَ لهما أمرٌ آخرُ أو يختلفا بأمرٍ آخرَ، ويعرضَ لهما الوجوبُ والوجودُ، فإنِ اختلَفا يا لوجوبِ والوجود، فلا واجبَي الوجودِ والمفروضُ خلافُهُ إلى أنْ يُقالَ، وأمّا إنِ اتَّفَقا في الوجودِ والوجوبِ وعرَضَ لهما أمرٌ آخرُ فعِلَّتُهُ إمّا أنْ تكونَ الوجودَ والوجوبَ، أو أمرًا خارجًا عنهُما لا يجوزُ أنْ يكونَ الوجودُ والوجوبُ عِلّةً للأمرِ العارض، لأنَّ الواحدَ لا يعرضُ عنهُ أُمورٌ مختلفةٌ، وإنَّما جازَ في أفرادِ النَّوعيّةِ لتركُّبها، ولا يجوزُ أنْ يكونَ عِلّةً للأمرِ العارضِ غير الموجودِ والوجوب، لأنَّهُ يلزمُ أنْ يكونَ واجبُ الوجودِ مفتقِرًا إلى غيرِه، وهوَ مُحالٌ؛ لأنَّ وجوبَ الوجودِ غيرُ مُفتقِرٍ إلى غيرِه، فيُقالُ لهم: الكلامُ على هذا مِنْ وجوهٍ: أحدُها أنَّ قولَكُم: إنِ اختلَفا في الوجودِ والوجوبِ فلا واجبَي الوجوبِ والمفروضُ خلافُهُ، وذلكَ قد يكونُ في هذا الدَّليل، وهوَ باطلٌ لا حاجةَ إليه، ولا يجوزُ ذِكرُهُ في هذا الدَّليل، لأنَّكُم ما جعلتُمُ الأقسامَ الأربعةَ في واجبينِ قدِ امتازَ أحدُهما عَنِ الآخر، فلا بُدَّ أنْ يتَّفِقا في شيءٍ، وَيختلِفا في شيءٍ، أو يشتركا في شيءٍ، ويمتازَ أحدُهما عَنِ الآخرِ بشيءٍ، ويجتمعا في شيءٍ، ويفترِقا في شيءٍ، وحينئذٍ فيَمتنِعُ الَّا يكونا متَّفِقينِ في وجوبِ الوجودِ الذي هوَ مورِدُ التَّقسيم، فغرَضُ الواجبينِ غيرُ مشتركينِ في الوجوبِ كغرَضِ الوجودينِ اللَّذينِ لا يشتركانِ في الوجودِ والأسوَدينِ اللَّذينِ لا يشتركانِ في السَّواد، ونحوِ هذا.

وهذا قسمٌ باطلٌ على هذا التَّقدير، فلا حاجةَ إلى ذِكرِه، ونظيرُ ذِكرِهم في التَّقسيمِ لا يدخلُ في المقسوم، قولُهم في أوَّلِ الدَّليلِ: الأُمورُ التي

<<  <   >  >>