كما سبق ذكر الفرق بين الثلاثة (ويقتل الخنزير) بالوجهين كالذي قبله؛ أعني: الرفع والعطف (ويضع الجزية) أي: يسقطها فلا يقبل من المشرك إلا الإسلام.
فإن قلت: هذا خلاف شرعنا اليوم، فيَلْزَمُ نسخُه شريعةَ محمد صلى الله عليه وسلم؟
قلت: قبول الجزية من الكتابي ليس بمستمر إلى يوم القيامة، بل قبولها من الكتابي مقيد في شريعتنا بما قبل نزول عيسى، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث بنسخ قبولها بنزول عيسى، وليس عيسى هو الناسخ؛ فإن نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبينُ للنسخ، فعيسى يحكم بشرعنا، فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا صلى الله عليه وسلم. انتهى من "النووي".
(ويفيض المال) ويكثر (حتى لا يقبله) منك (أحد) إذا أعطيته له.
قوله: "ويفيض المال" - بفتح الياء - بالوجهين أيضًا، ولكن الرفع على الاستئناف أولى هنا؛ لأن فيض المال ليس من عمل عيسى صلى الله عليه وسلم؛ أي: يكثر المال، وتنزل البركات، وتكثر الخيرات؛ بسبب العدل، وعدم التظالم، وإلقاء الأرض أفلاذ كبدها؛ كما جاء في الحديث الآخر، وتقل أيضًا الرغبات؛ لقصر الآمال وعلمهم بقرب الساعة؛ فإن عيسى علم من أعلام الساعة، والله أعلم. انتهى "نووي".
قال القاضي: أو لضربه الجزية على الجميع (حتى لا يقبله أحد) منك؛ لغنى كل الناس حينئذ. انتهى.
قال ابن عرفة: إذا أفضت الحال في المال إلى ألا يقبله أحد .. لا تسقط