اللام على (رَانَ) وهو فِعل؛ إما لقصد حكاية اللفظ وإجرائه مجرى الاسم، وإما لِتَنْزِيلهِ منزلة المصدر؛ أي: ذكره الله عز وجل بقوله: ({كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ})(١)، قال الحافظ ابن كثير:(كلا) أي: ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووَحْيهُ وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجَبَ قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرَّان والصدأ الذي قَدْ لُبِّس قلوبهم وغطاها من كثرة الذنوب والخطايا؛ والرَّيْنُ: يَعْتَرِي قلوب الكافرين، والغَيْمُ للأبرار، والغَيْنُ للمقربين. انتهى.
قلت: أصل الران والرين: الغشاوة، وهو كالصدأ على الشيء الصقيل.
قال الطيبي: الران والرين: كالعاب والعيب، والآية في الكفار، إلا أن المؤمن بارتكاب الذنب يشبههم في اسوداد القلب، ويزداد ذلك بازدياد الذنب.
قال ابن الملك: هذه الآية مذكورة في حق الكفار، لكن ذكرها صلى الله عليه وسلم تخويفًا للمؤمنين؛ كي يحترزوا عن كثرة الذنب؛ كيلا تسود قلوبهم؛ كما اسودت قلوب الكفار، ولذا قيل:(المعاصي بريد الكفر). انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة المطففين، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.