قال معمر بالسند السابق:(قال الزهري): (ذلك) أي: ذكري للحديث الثاني؛ يعني: حديث الهرة بعد حديث الرجلح فاسم الإشارة مبتدأ، خبره: قوله: (لئلا يتكل رجل) أي: كائن؛ لئلا يتكل ويعتمد رجل على سعة رحمته تعالى ويسترسل في المعاصي ويكثر منها؛ اعتمادًا على سعة رحمته وغفرانه، المفهوم من الحديث الأول (و) ذكر الأول منهما؛ لئـ (لا ييئس رجل) ويقنط من رحمته؛ نظرًا إلى ما ذكر في الحديث الثاني من التعذيب.
يعني: أن قصة تعذيب المرأة بسبب الهرة توجب الحذر من التعذيب، فإن الذنب اليسير ربما يكفي لتعذيب الإنسان في الآخرة، فهذه القصة تنفي الاتكال على الرجاء والغفلة عن الخوف، وأما قصة الرجل الذي أوصى بتحريقه .. فإنها تنفي اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى.
فليكن الإنسان دائرًا بين الخوف والرجاء، فلذلك أتبع الزهري حديث الرجل الذي أوصى بتحريقه بحديث الهرة؛ ليستوي الطرفان؛ طرف الرجاء، وطرف الخوف، والله أعلم. انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء، ومسلم في كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، وأحمد في "المسند"، وابن الأعرابي في "المعجم".
ودرجته: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف عاشرًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث أبي ذر رضي الله تعالى عنهما، فقال: