قوله: "والعاجز" أي: المقصر في الأمور من أتبع نفسه (هواها) من الإتباع؛ أي: جعلها تابعة لهواها، فلم يكفها عن الشهوات، ولم يمنعها عن مقارفة المحرمات (ثم تمنى على الله) بأنه غفور رحيم، غني عنه وعن عمله، فلا يعاقبه، بل يدخله الجنة، ويعطيه ما يشتهي.
ولفظ "الجامع الصغير": (وتمنى على الله الأماني) فهو مع تفريطه في طاعة ربه واتباع شهواته لا يعتذر، بل يتمنى على الله أن يعفو عنه. انتهى.
قال الطيبي رحمه الله تعالى: والعاجز هو الذي غلبت عليه نفسه، وعمل ما أمرته به نفسه، فصار عاجزًا لنفسه، فأَتْبعَ نفسَه هواها، وأعطاها ما اشتهته، فقُوبل الكيس بالعاجز، والمقابل الحقيقي للكيس: السفيهُ الرأي، وللعاجز: القادر؛ ليؤذن بأن الكيس هو القادر، والعاجز هو السفيه.
(وتمنى على الله) أي: يُذْنِبُ ويتمنَّى الجنةَ من غير الاستغفار والتوبة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي، وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد والحاكم، وقال: صحيح، وردَّه الذهبي، قاله المناوي، ويشهد له ما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:(حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا للعرض الأكبر) أي: استعدوا وتهيؤوا ليوم تعرضون على ربكم للحساب، وإنما يخف - من باب ضرب؛ أي: يصير خفيفًا يسيرًا - الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا.
ويشهد له أيضًا ما يروى عن ميمون بن مهران الجزري، ثقة فقيه، من الرابعة، قال:(لا يكون العبد تقيًّا حتى يحاسب نفسه؛ كما يحاسب شريكه مِن أَيْنَ مَطْعَمُه ومَلْبَسُه)، ويشهد له أيضًا حديث ابن عمر المذكور قبله.