أيها الحاضرون (أصحابي) أي: الذين فازوا بصحبتي التي هي أعلى المراتب عند الله تعالى (وإخواني) الذين تمنيت رؤيتهم، فهو مبتدأ، خبره قوله:(الذين يأتون من بعدي) أي: وإخواني الذين عنيتهم بقولي: "أنا قد رأينا إخواننا" هم الذين يأتون ويوجدون من بعدي إلى يوم القيامة (وأنا) أيها السابقون واللاحقون (فرطكم) - بفتحتين - أي: سابقكم إلى الآخرة منتظر لكم (على الحوض) لأسقيكم إياه، وهذا موضع الترجمة.
(قالوا) أي: قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ كيف تعرف من لم يأت) ولم يدرك زمنك (من أمتك؟ ) أي: كيف تعرفهم يوم القيامة، ولم ترهم في الدنيا؛ كأنهم فهموا من تمني الرؤية وتسميتهم باسم الإخوة دون الصحبة أنه لا يراهم في الدنيا؛ فإنما يتمنى ما لا يمكن حصوله، ولو حصل اللقاء في الدنيا .. لكانوا أصحابه، وفهموا من قوله:(أنا فرطكم) بعموم الخطاب أنه يعرفهم في الآخرة، فسألوه عن كيفية ذلك؟
فـ (قال) في جواب سؤالهم: (أأرأيتم) أي: أخبروني والخطاب مع كل من يصلح له من الحاضرين أو الرائين (لو أن رجلًا) منكم (له خيل) أي: أفراس (غر) أي: بيض الوجوه (محجلة) أي: بيض الأيدي والأرجل (بين ظهراني) وأوساط (خيل دهم) أي: سود - بضم الدال وسكون الهاء جمع أدهم - من الدهمة؛ وهي السواد.
(بهم) - بضم الموحدة وسكون الهاء - جمع بهيم، قيل: هو الأسود أيضًا، فيكون توكيدًا لفظيًّا بالمرادف، وقيل: الذي لا يخالط لونه لون آخر، سواء كان