الموقف (يوم القيامة) من الأولين والآخرين، حالة كونهم (يلهمون) أي: يلقى في قلوبهم طلب الشفاعة (أو) قال سعيد: (يهمون) بدل (يلهمون) أي: يهتمون؛ أي: يعتنون ويصرفون همتهم إلى طلب الشفاعة (شك سعيد) بن أبي عروبة؛ أيَّ اللفظين قال قتادة حين روى له هذا الحديث.
قال النووي: ومعنى اللفظين متقارب؛ معنى (يهمون): أنهم يعتنون بطلب الشفاعة وسؤالها في إزالة الكرب الذي هم فيه، ومعنى (يلهمون): أن الله سبحانه يلهمهم سؤال ذلك؛ والإلهام: أن يلقي الله تعالى في النفس أمرًا يحمل على فعل الشيء أو تركه.
قوله:(فيقولون) معطوف على قوله: (يجتمع) أي: يجتمع المؤمنون من الأولين والآخرين في موقف القيامة، فيقول بعضهم لبعض:(لو تشفعنا إلى ربنا) أي: لو طلبنا من يكون شفيعًا لنا إلى ربنا (فأراحنا) أي: فحصل لنا ربنا الراحة (من) تعبنا وازدحامنا في وقوفنا في (مكاننا) وموقفنا هذا الموقف الرهيب، أو ليزيلنا من موقفنا هذا ولو إلى النار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو مصرح به في رواية مسلم:(فيأتون آدم) أبا البشر عليه السلام، قال الأبي: إتيانهم آدم عليه السلام مع علمهم في الدنيا أن المختص بهذه الشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يحتمل أن ذلك التشفع إلى آدم وقع ممن لم يعلم ذلك، أو علم، ولكنه علم أن الأمر يقع هكذا؛ إظهارًا لشرفه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لو بدئ به .. لقيل: لو بدئ بغيره .. لاحتمل أن يشفع، أما بعد امتناع الجميع، وسئل هو فأجاب .. فهو النهاية في الشرف وعلو المنزلة، ويحتمل أنه ممن علم، ولكنه دهش. انتهى منه.