(فيقولون) له: (أنت آدم أبو الناس) أي: أبو البشر (خلقك الله بيده) المقدسة؛ يعني: بلا واسطة أبٍ وأمٍ، وإلا .. فالكل مخلوق بقدرته سبحانه وتعالى (وأسجد لك ملائكته) أي: أمر ملائكته بالسجود لك؛ تشريفًا لك، فلك عنده تعالى منزلة وكرامة (فاشفع لنا) أي: فاطلب لنا الخير والفرج (عند ربك) إن طلبت لنا الخير والفرج من عنده .. (يرحنا) مجزوم بالطلب السابق؛ أي: يحصل لنا الراحة (من) تعب وقوفنا في (مكاننا هذا) الموقف الرهيب الهائل. والشفاعة: طلب الخير من الغير للغير.
(فيقول) لهم آدم: (لست) أنا (هناكم) أي: محلًا لمطلوبكم وأهلًا لذلك؛ أي: لست مطلبًا للشفاعة ولا أهلًا لها.
قلت: ومعنى (لست هناكم): لست أنا في المكان والمنزل الذي تحسبونني يريد مقام الشفاعة.
وذكر ملا علي: أن (هنا) إذا ألحق به (كاف) الخطاب .. يكون لبعد المكان المشار إليه؛ فالمعنى: لست في مكان الشفاعة أنا بعيد منه. انتهى.
(ويذكر) لهم آدم خطيئته ومخالفته لربه فيما نهى عنه (ويشكو) أي: يخبر (إليهم ذنبه الذي أصاب) وارتكب وفعل به؛ من أكله الشجرة بعدما نهي عنها؛ اعتذارًا إليهم في امتناعه من التشفع لهم إلى ربه (فيستحيي) أي: يخاف من التشفع لهم حياءً (من ذلك) الذنب الذي ارتكب، فقوله:(فيستحيي) معطوف على (أصاب) عطف مسبب على سبب.
قال القاضي عياض: قوله: (ويذكر خطيئته) تسمية الأنبياء عليهم الصلاة