والسلام هذه الأشياء خطايا إنما هو إشفاق؛ إذ ليست بخطايا، آدم عليه السلام أكل نسيانًا، ونوح عليه السلام دعا على قوم كفار، وموسى عليه السلام قتل كافرًا، وإبراهيم عليه السلام دفع بقول هو بحسب مراده صدق، وعتب الله على بعضهم لعلو منزلتهم. انتهى.
(ولكن) أدلكم على من يصلح للشفاعة لكم عند ربكم وأقول لكم: (ائتوا نوحًا) عليه السلام؛ أي: اذهبوا إليه وتشفعوا به إلى ربكم (فإنه) تقبل شفاعته عنده؛ لأنه (أول رسول بعثه الله) تعالى وأرسله (إلى) جميع (أهل الأرض) بتكاليفه الشرعية (فيأتونه) أي: يأتون نوحًا عليه السلام، فيتشفعون به إلى ربهم؛ كما تشفعوا بآدم (فيقول) لهم نوح في جواب استشفاعهم به: (لست) أنا (هناكم) أي: في منزلة الاستشفاع لكم (ويذكر) لهم اعتذارًا إليهم (سؤاله) أي: دعائه (ربه ما ليس) أي: دعاءً ليس (له) أي: لنوح (به) أي: بعاقبته؛ أي: بعاقبة ذلك الدعاء (علم) لأنه دعاء أغرق جميع أهل الأرض من العقلاء وغيرهم، ومن الحيوانات والجمادات؛ حيث قال:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}(١).
(ويستحيي) نوح من الشفاعة لهم إلى ربهم (من ذلك) أي: لأجل ذلك الدعاء الذي لم يؤمم به (ولكن) أدلكم على من يصلح للشفاعة لكم، فأقول لكم نصيحة:(ائتوا خليل الرحمن إبراهيم) الذي اتخذه الله خليلًا لنفسه عليه السلام؛ أي: جعله محبًا له؛ أي: كامل المحبة غير ناقصها، أو محبوبًا له كامل