محكما، لا شبهة فيه ولا تكلف، ومن هنا فالطريق الصحيح لإدراك المناسبة لا بد أن يستخدم أولا منطق التحليل، حيث يضع الفرضيات الأولى للمناسبة بين الآيات، ثم يأتي بعد ذلك منطق التركيب الذي يحاول استكشاف الوحدة الكلية الموضوعية التي يقوم عليها بناء السورة فإذا ما أدرك ذلك أمكن تصحيح التكلف والتعسف الذي ينشأ من منطق التحليل، بذلك تبدو المناسبة قوية محكمة لا تحتاج إلى تكلف ولا تعسف. غير أن إدراك الوحدة الموضوعية الكلية ليس بالأمر الميسور، كما أنه ليس ملقىً على قارعة الطريق، وإنما يحتاج إلى بحث ودراسة، وقد تختلف فيه أنظار الباحثين والدارسين ومن ثمّ تختلف المناسبات باختلافهم، فالبقاعي _ مثلا _ يستنتج موضوع السورة من اسمها، وفي ذلك يقول. وقد ظهر لي باستعمالي لهذه القاعدة بعد وصولي إلى سورة سبأ أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تلحظ المناسبة بينه وبين مُسماّه عنوانه الدّال إجمالا على تفصيل ما فيه، وذلك هو الذي أنبأ آدم عليه السلام عند العرض على الملائكة عليهم السلام، ومقصود كل سورة هاد إلى تناسبها، فأذكر المقصود من كل سورة وأطابق بينه وبين اسمها، وأفسّر كل بسملة بما يوافق السورة ولا أخرج عن معاني كلماتها.
أما الفراهي فإنه يقول:. . ولما كان اسم الشيء عنوانا لمعناه، وقد اشتهر من الأسماء ما لا يخبر عن معناً هاما، فاعلم أن أسماء السور على أربعة وجوه:
الأول:
تسميها بلفظ من أوائلها، فمنه فيما نقله السيوطي سورة الحمد وبراءة، وسورة سبحان، وطه، وحواميم، ويس، واقتربت، والرحمن، وتبارك، وعمّ، والمعصرات، وأرأيت، وسورة تبت، وغير ذلك، وهكذا سمّت اليهود كتب التوراة.
الثاني:
تسميتها بلفظ اختص بها، كالزخرف والشعراء والحديد، والماعون،