السماء الدنيا، ثم كان ينزله مفرقا عند الحاجة وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة. وقال ابن الحصار:"ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ضعوا آية كذا في موضع كذا". وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف، وقال أبو بكر بن الأنباري في كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان: "إن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا، ثم فرقه على النبي صلى الله عليه وسلم في بضع وعشرين سنة وكانت السورة تنزل في أمر يحدث والآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل، ويوقف جبرئيل النبي صلى الله عليه وسلم على موضع السورة والآية. فانتظام السور كانتظام الآيات والحروف كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين عن رب العالمين. فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة كمن أفسد نظام الآيات وغيَّر الحروف والكلمات. ولا حجة على أهل الحق في تقديم البقرة على الأنعام، والأنعام نزلت قبل البقرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ عنه هذا الترتيب وهو كان يقول:"ضعوا هذه السورة موضع كذا وكذا من القرآن" وكان جبرئيل عليه السلام يوقفه على مكان الآيات". وقال الكرماني في (البرهان) : "ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب وكان صلى الله عليه وسلم يعرض على جبرئيل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه. وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين، وكان آخر الآيات نزولا {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فأمره جبرئيل أن يضعها بين آيتي الربا والدين". وقال العلامة الطيبي: "أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ". وذهب الباقلاني في أحد قوليه وابن فارس إلى أن ترتيب السور باجتهاد من الصحابة، ونسب إلى مالك، ومال ابن عطية في تفسيره إلى أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلى الله عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصل وأن ما سوى ذلك يمكن أن