للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ (١) صلاةِ العَصْرِ، فَخَلَّوا سبيَلُهما، ثم اطُّلِعَ بعدَ ذلكَ على إناءٍ من فِضَّةٍ منقوشٍ مُمَوَّهٍ بالذَّهَبِ عندَ تَميمٍ الدَّارِيِّ، فقالوا: هذا من آنيةِ صاحبنا التي مَضى بها معه، وقدْ قُلْتُما: إنه لم يبعْ من متاعِه شيئًا، فقالا: إنا اشترينَا منه، فَنَسينا أن نخبرَكُم به، فرفعوا أمَرهُمْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنزل: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} إلى {الْفَاسِقِينَ} [المائدة: ١٠٧ - ١٠٨]، فقامَ رجلانِ من أولياءِ السَّهْمِي، فحلفا باللهِ إنها في وَصِيَّتِهِ، وإنَّها لَحَقٌّ، ولقد خانَهُ تميمٌ وعَدِيٌّ، فأخذَ تميمٌ وعديٌّ بكلِّ ما وُجِدَ في الوَصِيّةِ لمّا اطُلِعَ على ما عِنْدَهُما منَ الخِيانة (٢).

* وأما أقوالُ العلماءِ.

فإنهم اختلفوا في الضميرِ الذي في قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦].

فقال جُمهورُهم: أي: من غيرِ أهلِ مِلَّتِكُمْ، والخطابُ مع كافَّةِ المؤمنين.

وقال قومٌ كالحَسَنِ وعِكْرِمَةَ: أي: من غيرِ أهلِ قبيلتِكم، والخطابُ معَ أولياءِ المَيِّتِ، فاستدلُوا لقوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: ١٠٦]، وأهلُ الصلاةِ هم أهلُ مِلَّتِنا دونَ غيرِهم، فدلَّ على كونهما مؤمِنَيْنِ (٣).


(١) في "ب": "دبر".
(٢) رواه الترمذي (٣٠٥٩)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة المائدة، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٣١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٥٠٩)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ١٦٨). وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٣/ ٢٢٠ - ٢٢٢).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ١٠٦)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٧/ ٦٤)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>