للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: ٦].

فإن قلتَ: فقد خصَّ اللهُ سبحانه ذوَي القُرْبى واليتامى والمساكينَ وابنَ السبيل بالذكْرِ، وأشرَكَهُمْ معهُ، وأضافَهُ إليهم بِلام التمليكِ في الآية التي تليها.

قلت: الإضافةُ إليهم معناه بيانُ المَصْرِف، لا حقيقةُ التمليكِ والتشريكِ، وإنما خَصَّهم اللهُ بالذكرِ ليقطعَ طمعَ المقاتِلين.

ألمْ تَرَ إلى كيفيةِ صدورِ الخِطابِ معهم كيفَ قالَ اللهُ تبَارك وتَعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: ٦].

ثم أعلمهم بعدَ أَنْ مَنَّ بها عليهِ - صلى الله عليه وسلم - بوجوهِ البِرّ والإنفاقِ التي كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلُها، فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: ٧].

ثم بيَّنَ وجهَ العِفَةِ في حِرْمانِهم، وأَنهم ليس لهم في الفيءِ نصيبٌ؛ لئلاّ يملكوه ويتداولوه بينهم، فقال تَعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧].

ثم أمرهُم بطاعتِه؛ لأن طاعته من طاعتِه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

ثم بيَّنَ القومَ المستحقينَ، وأنهم فقراءُ المهاجرينَ والأَنْصار، والذينَ مِنْ بعدِهم، فقالَ تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآيات إلى قوله: {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ٨ - ١٠].

وكل هذا يدلُّ دلالةً صريحةً على أن الفيءَ ليسَ كالغنيمةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>