للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خارجَ (١) البيتِ (٢)، جاز الفرض أيضًا بالإجماع، وأما داخل البيت، فلم يصلِّ فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلا النَّفْلَ. لكنْ يُضَعِّفُه (٣) شهادةُ الأصولِ بالتسويةِ بينَ الفرضِ والنَّفْلِ في جميعِ الشرائِطِ والأَحْكام؛ من الطهارةِ والسِّتارةِ والاستقبالِ، وإيجابِ الفرضِ من القراءةِ والركوعِ والسجودِ، إلا ما أخرجَهُ الشارعُ - صلى الله عليه وسلم - المشقة، كتركِ الاستقبالِ في حالةِ السفرِ خاصَّةً، وتركِ القيامِ في صلاتها.

والذي أراه أنهُ لا تعارُضَ؛ لاحتمالِ كونِ ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - في وقتينِ (٤)، وإن ثبتَ أنَّ مَحَلَّ الروايتينِ في وقتٍ واحدٍ، فليس في حديثِ ابنِ عباس أكثرُ من نفي الصلاة في البيتِ، ونفيُ الصلاةِ لا يمنعُ جوازَها. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه القبلة" بيان للقبلةِ لجملتها، لا لصفةِ استقبالِها.

وأما الصورةُ الثالثةُ، فهي فرع للصورةِ الثانية، فمن منعَ الصلاةَ داخلَ البيت، منعَ هذه الصورة، ومن أجازَ تلكَ، أجازَ هذه. وربَّما خالفَ بعضُهم في جوازِ هذهِ الصورةِ مع إجازتِه لتلكَ (٥).

إذا تمَّ هذا، فقد فرضَ اللهُ سبحانَه على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - وعلى أُمَّتِه التوجُّهَ إلى


(١) "خارج" ليس في "ب".
(٢) قلت: هذا استدلال لهم على ما ذهبوا إليه من التفرقة بين الفرض والنفل، والله أعلم.
(٣) أي: القول بالتفرقة بين الفرض والنفل.
(٤) قلت: إلا أنه يرِد عليه معرفة السابق واللاحق منهما.
(٥) هذه الصورة هي أن يستقبل المصلي ببعض بدنه الكعبة، وقد اختلفوا فيها:
فذهب الحنفية إلى أن ذلك جائز، وأن الصلاة صحيحة، ومنع ذلك المالكية والشافعية والحنابلة، وقالوا بأن الصلاة غير صحيحة.
انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٩٨)، و"المغني" لابن قدامة (٢/ ١٠٠)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ١٩٥)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>