للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل هو الجاني عُفي له عن جنايته، والعافي وليُّ الدَّمِ؟ وهو قولُ ابنِ عَبّاسٍ ومُجاهدٍ وجُمهورِ أهلِ العلمِ.

- أو المعفوُّ لهُ هو الوَلِيُّ عفي له بِديَةٍ أُعْطِيَها، والعافي هو الجاني؟ وهو تأويل مالكٍ وأبي حنيفةَ، وهذا ثمرةُ اختلافهم في أن القاتل هل يُفْتَقَرُ إلى رِضاهُ في العَفْوِ عن الدية؟ أو لا يفتقر إلى رِضاهُ؟.

فمن قالَ: لا يُفتقر إلى رضاهُ، كان العافي وليَّ الدَّمِ.

ومن قال: يُفتقر إلى رِضاهُ، جعل العافيَ هو الجاني إذا رَضِيَ ولِيُّ الدَّمِ بقبول الدِّيةِ.

وقدْ ذهبَ أكثرُ العلماءِ من الصحابةِ والتابعين إلى أنه لا يُفتقر إلى رضاه. وبه قال مالكٌ والشافعيُّ (١).

وقال قوم: يُفتقر إلى رضاهُ، وهو قولُ الحسنِ والنَّخَعِيِّ، وبه قالَ أبو حنيفةَ (٢)، ومالكٌ في أضعفِ الروايتين عنه (٣).

والأولُ أقوى؛ لكثرةِ الاستعمالِ في لسانِ العرب؛ فإن أكثرَ استعمالِهم


(١) وهو المعتمد عند الحنابلة. انظر: "الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٤١٣)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٢٨٨)، و"الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٤).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٥٨)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٢٨٤).
(٣) قلت: الصواب أن هذه الرواية هي المشهورة عن الإمام مالك، وهي المعتمدة.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٩٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٣٦)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ٢١٠)، و"الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٤١٣)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٨/ ٢٩٥)، و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>