للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دللت قريبًا على ضعف هذا القول، والله أعلم.

فإن قلتم: فما اختيارُك في ذلك؟

قلتُ: الذي أَختاره وأقوله وأدين الله -سبحانه- تحريمَ المسجدِ الحرامِ كما حَرَّمَهُ اللهُ -جل جلالُه- فلا يجوزُ فيه القتال حتى يَبْدَأَ أهلُه بالقِتال، فيقاتَلون (١)؛ للنصِّ الصريح في الآية المذكورة، وفي حديث أبي شريح، ولما روي عن (٢) ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ فَتْحِ مَكَةِ: "إن هذا البلد حرّمه الله يومَ خلقَ السمواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرْمَةِ الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولم يحلَّ لَي (٣) إلا ساعةً من نهارٍ، فهو حرامٌ بحرمة اللهِ إلى يوم القيامة، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صيدُهُ، ولا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَها، ولا يُخْتَلى خَلاَها"، فقال العباسُ: يا رسول الله! إلا الإذْخِرَ (٤)؛ فإنه لِقَيْنهم (٥) وبُيوتهم (٦)، فقال: "إلا الإذْخِرَ" (٧)، فهذا -أيضًا- نصٌّ صريح في حرمتِها كما حرمها الله


(١) في "ب": "فيقتلون".
(٢) "عن" ليست في "ب".
(٣) "لي" ليست في "أ".
(٤) الإذْخِر: الحشيش الأخضر، وحشيشٌ طيِّبُ الريح. انظر: "القاموس" (مادة ذخر) (ص: ٣٥٧). "اللسان" (مادة: ذخر) (٤/ ٣٠٣).
(٥) القينُ: العبدُ، جمعُه قِيان، انظر: "اللسان" (١٣/ ٣٥٢)، "القاموس" (ص: ١١٠٥) (مادة قين).
(٦) قال النووي في "شرح مسلم" (٩/ ١٢٧): قينهم -بفتح القاف-: هو الحداد والصانع، ومعناه: يحتاج إليه القين في وقود النار، ويحتاج إليه في القبور لِتُسَدَّ به فُرَج اللَّحد المتخللة بين اللَّبنَات، ويحتاج إليه في سقوف البيوت، تجعل فوق الخشب.
(٧) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>