للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة الرابعة: قوله جل جلاله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨].

قال جماهير المفسرين وأهل السِّيَرِ والحَديث: المشعرُ الحرامُ: جميعُ المُزْدَلِفَةِ (١).

* وذكرُ الله - سبحانه - يقعُ على التلبيةِ والصَّلاةِ والمبيتِ، وإن لم يصحبه ذِكْرٌ؛ لأنه من مناسكِ الحجِّ، والمناسكُ ذِكْرٌ؛ لأنها انقيادٌ وتسليمٌ لله - سبحانه -، قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣]، والذكرُ في هذه الأيام هو الرميُ، وأما التلبيةُ، فهي مشروعةٌ في مواطنِ الحجِّ كلِّها، ولا تختصُّ بمكانٍ دونَ مكانٍ، وأما الصَّلاةُ والمبيتُ، فقد خَصَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَشْعَرَ الحرامَ بالصلاةِ والمبيتِ.

- أما الصلاةُ، فقد روينا في "الصحيحين" عن أسامةَ بنِ زيدٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَفَعَ من عرفةَ، فنزلَ الشِّعْبَ، فبالَ، ثم توضأ، ولم يسبغ الوضوءَ، فقلت له: الصلاة؟ قال: "الصلاةُ أمامكَ"، فجاء المزدلفة، فتوضأَ، فأسبغ، ثم أقيمتِ الصَّلاةُ، فصلَّى المغربَ، ثم أناخَ (٢) كلُّ إنسانٍ بَعيرَهُ في منزلِه، ثم أقيمتِ الصلاةُ، فصلَّى، ولم يُصَلِّ بينهما (٣).


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ١٦)، و "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٩٠). قال ابن عبد البر: المزدلفة عند العلماء مما يلي عرفة، إلا أن يأتي وادي مُحسِّر عن اليمين والشمال من تلك البطون والشعاب والجبال كلها، وليس المَأْزَمَانِ من المزدلفة، وأما وادي محسر فهو من المزدلفة.
(٢) أناخ: أَبْرك.
(٣) رواه البخاري (١٣٩)، كتاب: الوضوء، باب: إسباغ الوضوء، ومسلم (١٢٨٠)، كتاب: الحج، باب: استحباب إدامة الحاج التلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>