للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وأما المبيتُ، فإن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- باتَ بِجَمْعٍ، وصَلَّى بِها الصُّبْحَ بِغَلَسٍ (١) ثم وقفَ حتى أَسْفَرَ (٢)، ثم دَفَعَ قبل أن تطلُعَ الشمسُ إلى مِنًى.

قال الشافعيُّ: أخبرنا مسلمُ بنُ خالدٍ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، قالَ: خطبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: "إن أهلَ الجاهليةِ كانوا يدفعون من عَرَفَةَ حين تكونُ الشمسُ كأنها عمائِمُ الرِّجالِ في وُجوههم، قبلَ أن تَغْرُبَ، ومنَ المُزْدَلِفَةِ بعدَ أن تطلُعَ الشمسُ حتى تكونَ كأنها عمائِمُ الرِّجالِ في وُجوههم (٣)، وإنّا لا نَدْفَعُ من عَرَفَةَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، ونَدْفَعُ منْ مزدلفةَ قبلَ أن تطلُعَ الشَّمسُ. هَدْيُنا مُخالِفٌ لِهَدْيِ أهلِ الأوثانِ والشِّرْكِ" (٤).

وروى عروةُ بنُ مُضَرّسٍ حديثاً متَّفَقًا على صحته، قال: أتيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِجَمْعٍ، فقلتُ له: هل لي من حَجٍّ؟ فقال: "مَنْ صَلَّى هذهِ الصَّلاةَ مَعَنا، ووقفَ هذا المَوْقِفَ حتى يُفيضَ، وأفاضَ قبلَ ذلكَ من عَرَفاتٍ ليلاً أو نَهاراً، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وقَضى تَفَثَهُ" (٥).


(١) الغَلَسُ: ظلمةُ آخر الليل. "القاموس" (مادة: غلس) (ص: ٥٠٥).
(٢) سَفَرَ الصبحُ يَسْفِرُ، وأسفر يُسْفِرُ: أضاء وأشرق. "القاموس" (مادة: سفر) (ص: ٣٦٨).
(٣) قال الطيبي -رحمه الله-: شبه ما يقع عليه من الضوء على الوجه طرفي النهار حينما دنت الشمس من الأفق بالعمامة؛ لأنه يلمع في وجهه لمعان بياض العمامة. انظر: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" لعلي القاري (٥/ ٥٢٥).
(٤) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٣٦٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١٢٥)، عن محمد بن قيس بن مخرمة مرسلاً.
(٥) رواه أبو داود (١٩٥٠)، كتاب: المناسك، باب: من لم يدرك عرفة، والنسائي (٣٠٤٢)، كتاب: الحج، باب: فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام =

<<  <  ج: ص:  >  >>