للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكروا في كتبهم كيفيتَهُ وتفصيلَه (١).

* وجعل اللهُ سبحانه في هذه الآية ميقاتَ دفعِ أموالهم إليهم بلوغَ النكاح مع إيناسِ الرشد، وجعلَه في آية أخرى بلوغَ الأَشُدِّ، فقال سبحانه: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، وفي قوله تعالى: {بَلَغُواْ النِّكَاحَ} حذفٌ وإضمارٌ، تقديره: حالَ النكاح، وذلك مُجْمَلٌ يؤخذُ بيانُه من قوله سبحانَه في موضع آخر: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٩]، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: ٣٤]؛ أي: قُوَّتهُ.

* وبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقتَ الأَشُدِّ الذي لم يفهم من لفظه: أن المراد به أدنى درجاته أو أقصاها: أنه خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً.

روينا في "الصحيحين" عن ابنِ عمرَ -رضي الله تعالى عنهما- قال: عُرِضْتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عامَ بَدْرٍ، وأنا ابنُ ثلاثَ عَشْرَةَ سنةً، فردَّني، وعرضتُ عليه عامَ أُحُدٍ، وأنا ابن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سنةً، فردَّني، وعرضتُ عليه عامَ الخندق، وأنا ابنُ خَمْس عَشْرَةَ سنةً، فأجازني في المُقَاتِلَة (٢).


(١) يختلف الاختبار باختلاف طبقات الناس؛ فولد التاجر يختبر في البيع والشراء والمماكسة فيهما، فإن تكرر منه ولم يغبن ولم يضيع ماله فهو رشيد. وولد الزارع في أمر المزارعة، والمحترف فيما يتعلق بحرفته، وأولاد الكبراء تدفع إليه نفقة مدة لينفقها في مصالحه، فإن كان قيمًا بذلك يصرفها في مواقعها فهو رشيد.
وأما المرأة فتختبر في أمر القطن والغزل وصون الأطعمة وحفظ الأقمشة وشبهها من مصالح البيت، فإن وجدت ضابطة لما في يديها فهي رشيدة.
انظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٦٠٨)، و"الذخيرة" للقرافي (٨/ ٢٣٠)، و"روضة الطالبين" للنووي (٤/ ١٨١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ٣١).
(٢) رواه البخاري (٢٥٢١)، كتاب: الشهادات، باب: بلوغ الصبيان وشهادتهم، =

<<  <  ج: ص:  >  >>