للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن الشافعيِّ -رحمه الله تعالى-: أنه قال: إنما سُمِّيَ الجُنُبُ جُنُباً من المخالطة، ومن كلامِ العربِ: أجنبَ الرجلُ: إذا خالَطَ أهلَه (١).

فعلى قوله يكونُ لفظُ القرآنِ متناولاً لمن جامَعَ ولم يُنْزل، بطريقِ اللغة، مع البيانِ من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

* إذا تقرر هذا، فهل يطلقُ الجنبُ على من خرجَ منه الماءُ بغير تَلَذُّذٍ، فيجب عليه الغسلُ، أو لا يطلق عليه إلا إذا خرج على الحالة المعتادة، فلا يجب عليه الغسل؟

اختلف فيه، فقال الشافعيُّ بالأول (٢)، وقال مالك وأبو حنيفة بالثاني (٣).

* ثم قال الله جَلَّ جَلالُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣].

فقيدَ بعدمِ الماء بعد ذكرِ حالتي المَرَضِ والسَّفَر، فيجوزُ أن يكونَ التقييدُ متعلِّقاً بهما، فلا يجوزُ التيممُ إلا عندَ عدمِ الماء، ويجوز أن يكون [متعلقاً بحالة السفر فقط؛ لغلبة عدم الماء بالسفر دون المرض، وهو الظاهر من سياق الخطاب، فيجوز] (٤) له التيممُ، سواءٌ كانَ واجِداً للماء أو عادماً.


(١) انظر: "إكمال المعلم شرح صحيح مسلم" للقاضي عياض (٢/ ١٢٠)، و"المفهم" للقرطبي (٤/ ٨٦)، و"إحكام الأحكام" لابن دقيق (١/ ٨٩).
(٢) انظر: "الشرح الكبير" للرافعي (٢/ ١١٤، ١٢٥)، و"المجموع" للنووي (٢/ ١٦٠).
(٣) وهو مذهب أحمد. انظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص ٢٥)، و"العناية شرح الهداية" للبابرتي (١/ ٧٥) و"حاشية الطحطاوي" (١/ ٢٢١)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١٢٩).
(٤) ما بين معكوفتين ليس في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>