للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* واختلفوا فيما عدا مكة.

فقال أبو عبيدٍ: لا تجبُ عليه الهجرةُ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرْ من أسلمَ من العربِ بالمهاجرة إليه، ولم ينكرْ عليهم مُقامَهُمْ ببلدِهم، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعثَ سريَّةً، قال لأميرها: "إذا لقيتَ عَدُوَّكَ منَ المُشْركينَ، فادْعُهُم إلى ثَلاثِ خِصالٍ -أو ثلاثِ خلالٍ- فَأيَّتَهُنَّ أَجابوكَ، فاقبلْ منهم، وكُفَّ عنهمُ: ادعُهم إلى الإسلامِ، فإن أجابوا (١)، فاقبلْ منهم، وكُفَّ عنهُم، ثم ادعُهُمْ إلى التحوُّلِ عن دارِهم إلى دارِ المهاجرين، وأَعْلِمْهم أنَّهم إن فَعلوا ذلك، أنَّ لهم ما لِلمْهاجرين، وأن عليهم ما عَلى المُهاجرين، فإن أَبْوا واخْتاروا ديارَهم (٢)، فأَعْلِمْهم أنهم يكونونَ كأعرابِ المُسلمين، يَجْري عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجْري على المؤمنين، ولا يكونُ لهم في الفَيْءِ والغنيمةِ نصيبٌ إلا أن يُجاهِدوا مع المسلمين" (٣).

وقال الجمهورُ: تجبُ الهجرةُ من سائرِ بلادِ الحَرْبِ إلى سائر (٤) بلادِ الإسلام على مَنْ لا يقدرُ على إظهارِ دينهِ، ولا تجبُ على من يَقْدِرُ على إظهارِ دينه، إما بعشيرةٍ أو رئاسة؛ كما جازَ ذلك للعباس -رضي الله تعالى عنه-، لكن تُستحبُّ له (٥) المهاجرةُ (٦).


(١) في "ب": "أجابوك".
(٢) في "ب": "دارهم".
(٣) رواه مسلم (١٧٣١)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث، ووصيته إيا هم بآداب الغزو وغيرها، عن بريدة الأسلمي.
(٤) "سائر" ليس في "أ".
(٥) "له" ليس في "أ".
(٦) انظر: "شرح البخاري" لابن بطال (٨/ ١٠٥)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٠٤)، و"فتح الباري" لابن حجر (٦/ ١٩٠)، و"الإنصاف" للمرداوي (٤/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>