للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* واختلف قولُ الشافعي في العاقِلة، هل تحملُ الديةَ ابتداءً، أو تجبُ على القاتل، ثم تحملُها العاقِلةُ، بحسبِ تقديرِ الإضْمارِ.

فمن أضمرَ: (فعليهِ تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ وديةٌ مسلمةٌ إلى أهله)، جعلهم مُتَحَمِّلين (١)، ومن أوجبَ عليهم ابتداءً تمسَّك بظاهرِ الحديثِ، وأضمر: (فالواجبُ تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ وديةٌ مسلمة إلى أهله) (٢).

* وأمر اللهُ سبحانه بتأدية الدية إلى أهله.

فيجوزُ أن يريدَ بأهله أولياءه.

ويجوز أن يريد به ورثَتَهُ (٣).


= لا تخالف القياس وقواعد الشرع العامة، فمن الحكمة أن هذا من باب المواساة وخاصة أن القتل خطأ؛ أي: أن القاتل ليس متعمداً والخطأ يعذر فيه الإنسان فإيجاب الدية في ماله فيه ضرر عظيم عليه من غير ذنب تعمده هذا من جانب، وإهدار دم المقتول من غير ضمان بالكلية فيه إضرار بأولاده وورثته.
فكان من محاسن الشريعة وقيامها بمصالح العباد أن أوجب الدية على العاقلة والمواساة واجبة في عرف الكرماء وهو من باب التكافل والتناصر المطلوب في المجتمع المسلم وتفضي إلى حفظ الدماء واستبقاء الأحوال.
وهذا بخلاف القتل العمد فإن الجاني متعمد ظالم مستحق للعقوبة ليس أهلاً أن يحمل عنه.
انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٣٤٢)، و"إعلام الموقعين" لابن القيم (٢/ ٣٦).
(١) في "ب": "محتملين".
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٢٠٦)، و"المجموع" (٦/ ١٠٢)، و"روضة الطالبين" كلاهما للنووي (٩/ ٣٥٧)، و"شرح الزركشي" (٣/ ٨).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٩٩)، و"تفسير الواحدي" (١/ ٢٨١)، و"الكشاف" للزمخشري (١/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>