للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في غيرِهما من الأمكنة.

فجوزه الجمهورُ (١)، ومنعه أبو حنيفةَ وأصحابُه (٢).

لأن الأفعالَ يتطرقُ إليها من الاحتمالِ ما لا يتطرقُ إلى الأقوالِ.

واحتجوا بأنَّ ابنَ مَسعودٍ -رضي الله تعالى عنه- قال: والذي لا إله غيره! ما صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةً قَطُّ إلا في وقتِهما، إلا صلاتين: جمعَ بين الظهرِ والعصرِ يومَ عرفةَ، وبين المغربِ والعشاءِ بِجَمْعٍ (٣).

وتمسكوا بدليل الإجماع على أنه لا يجوزُ الجَمْعُ في الحَضَرِ، واستمرَّ الحكمُ في السفر.

وحملوا الأحاديثَ على أنه أخرها إلى آخرِ وقتها؛ بحيث يفرغ منها ثم يدخلُ وقتُ الصلاةِ التي بعدَها، بدليلِ بيانِ جبريلَ - عليه الصلاة والسلام - في المرةِ الثانيةِ (٤).

واستمسكوا بأنَّ الأصلَ عدمُ جوازِ الجَمْعِ إِلا بيقينٍ، وليس فيما رُوي من أفعالِه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك نَصٌّ لا يحتملُ التأويل.

* * *


(١) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (١/ ٤١٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢٠٣)، و"شرح مسلم" للنووي (٥/ ٢١٢).
(٢) انظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٤٩)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ١٢٦).
(٣) رواه البخاري (١٥٩٨)، كتاب: الحج، باب: متى يصلي الفجر بجمع، وصلاة الفجر بالمزدلفة، ومسلم (١٢٨٩)، كتاب: الحج، باب: استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة.
(٤) رواه أبو داود (٣٩٣)، والترمذي (١٤٩) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>