للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شعار المنتصر]

{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] هكذا يقول القرآن الكريم. فلن يجول في خاطر العرب أن يكرهوا الشعوب الخاضعة لهم على اعتناق الإسلام، فالمسيحيون والصابئون والبارس واليهود الذين عاشوا قبل الإسلام بمائة عام تحت حكم ملكهم يوسف ضربوا أقصى الأمثلة وأبشعها فيما يتعلق بموقفهم من أصحاب العقائد الأخرى وجميع هؤلاء قد منحهم الإسلام حق ممارسة عباداتهم.

لقد احتفضوا بدور عباداتهم وأديرتهم وأساقفتهم وربانيّيهم. هذا عجيب حقًا، إن مثل هذا لم يقع من قبل، من هو الإنسان الذي لا يستنشق نسيم الحرية بعد الحكم البيزنطي الجائر القاسي، وبعد هذه الاضطهادات الشنيعة التي جرت في إسبانيا والاضطهادات المتواصلة التي قاسى اليهود الكثير من أهوالها؟ إن المسلمين السادة الجدد حماة البلاد وحكامها لم يتدخلوا في مسائل رعاياهم الداخلية؛ إنهم عادلون هكذا كتب بطريرك القدس في القرن التاسع إلى بطريرك استنبول: والمسلمون لا يظلموننا أو يضطهدوننا. إنهم يمنحون مختلف أفراد رعاياهم من أصحاب العقائد الأخرى كل حرية في تأدية فرائضهم الدينية أو حقوقهم المدنية متى دفعوا الجزية وأطاعوا أولي الأمر. فالمسلمون جاءوا ليحكموا لا ليبشروا لكي يخرجوهم من عقائد الأصلية. إن المنتصرين قد شكوا من كثرة دخول غير المسلمين في الإسلام وذلك بسبب الجزية ونقصانها، هذه الجزية التي كان يدفعها غير المسلمين فقط.

لكن هؤلاء أرادوا أن يتساووا بالمسلمين اقتصاديًا واجتماعيًا، لذلك سارعوا إلى

<<  <   >  >>