للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فاستغفر له ثلاثًا، وصلّى عليه، وهو تابعيّ؛ لأنه آمن، ورأى الصحابة، ولم يرى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإن ذكره ابن منده في "الصحابة" توسّعًا، وهذه المسألة تُلقى في المعاياة، فيقال: شخص صلى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- عقيم وأصحابه، وهو تابعيّ، فيقال: هو النجاشيّ.

ومن الغرائب التي نظيرها نادرٌ أيضًا إسلام صحابيّ طويل الصحبة كثير الرواية على يد تابعيّ، وهو عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، فإنه أسلم على يد النجاشيّ رحمه الله، ذكره ابن الملقّن رحمه الله (١).

(فِي الْيَوْمِ) متعلّق بـ "نَعَى" (الَّذِي مَاتَ فِيهِ) قال ابن دحية في "التنوير": قال أهل السير: وتوفّي في رجب سنة تسع من الهجرة، وقال ابن الأثير: أسلم قبل الفتح، ومات قبله أيضًا، وصلى عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة (٢).

(فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى) بضتم الميم، وفتح اللام المشدّدة، بصيغة اسم المفعول؛ أي: إلى المكان الذي كان يُصلَّى فيه على الجنازة، وفي رواية ابن ماجه: "فخرج وأصحابه إلى البقيع، فصفّنا خلفه"، قال في "الفتح": والمراد بالبقيع بقيع بُطحان، أو يكون المرادب "المصفى" موضعاً مُعدًّا للجنائز ببقيع الغَرْقَد، غير مُصَلَّى العيدين، والأول أظهر، وقد تقدّم في العيدين أن المصلّى كان ببطحان. انتهى (٣).

(وَكَبَّرَ) وفي نسخة: "وكبّر عليه" (أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) فيه دليلٌ على أن سنة الصلاة على الجنازة التكبير أربعًا، وقد خالف في ذلك الشيعة، ووردت أحاديث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كبّر خمسًا، وقيل: إن التكبير أربعًا متأخّر عن التكبير خمسًا، ورُوي فيه حديث عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، ورُوي عن بعض المتقدّمين أنه يُكبّر على الجنازة ثلاثًا، وهذا الحديث يردّه، قاله ابن دقيق العيد رحمه الله (٤)، وسيأتي تمام البحث في هذا المسألة الثامنة -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٤/ ٣٨٥.
(٢) "الأعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٤/ ٣٨٤.
(٣) " الفتح" ٣/ ٥٤٣.
(٤) "إحكام الأحكام" ٣/ ٢٣٢ - ٢٣٣ بنسخة "الحاشية".