في "صحيحه"، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس -رضي الله عنهما- على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: ليعلموا أنها سنة.
وأخرجه أيضاًا لنساليّ، ولفظه: قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجَهَرَ حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده، فسألته، فقال: سنّةٌ وحقٌ.
وأما قول ابن حزم في خلال كلامه السابق:"لا يقرأ فيها بشيء من القرآن إلا بأم القرآن"، ففيه نظر لا يخفى؟ لما عرفت من صحة السنة بقراءة سورة مع الفاتحة، فتبصّر.
والحاصل أن السنة أن يقرأ الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، وإن زاد سورة، فحسن، ثم يكبّر، ثم يصلّي على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم يكبّر، ثم يدعو للميت، ثم يكبّر، ثم يسلّم.
قال النسائيّ رحمه الله: أخبرنا قتيبة، قال: حدّثنا الليث، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، أنه قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مُخافتةً، ثم يكبر ثلاثًا، والتسليم عند الآخرة.
أخبرنا قتيبة، قال: حدّثنا الليث، عن ابن شهاب، عن محمد بن سُويد الدمشقي الْفِهْريّ، عن الضحاك بن قيس الدمشقي بنحو ذلك.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث صحيحٌ.
[فإن قلت]: إن أبا أمامة، وإن كانت له رؤية، إلا أنه تابعيّ، من حيث الرواية، فقوله:"السنة في الصلاة على الجنازة إلخ " ليس له حكم الرفع، عل ما تقدّم عن ابن عباس -رضي الله عنهما -، فكيف يكون صحيحًا؟.
أقلت،: قد ثبت أنه رواه عن أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد رواه الحاكم في "مستدركه" من طريق حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حُنيف، وكان من كبراء الأنصار، وعلمائهم، وأبناء الذين شهدوا بدرًا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخبره رجال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة على الجنازة، أن يكبّر الإمام، ثمّ يصلّي على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويُخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث، ثم يسلّم تسليمًا خفيًّا حين ينصرف، والسنّة أن يفعل من وراءه مثل ما فعل إمامه.