للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: وقد ظهر بما بسطناه صحّة مذهب الجمهور في تعليق الحكم بالرؤية، دون غيرها، وبه قال مالك، والشافعىّ، وأبو حنيفة، وجمهور العلماء من السلف والخلف. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله وليّ الدين رحمه اللهُ، من ترجيح مذهب الجمهور في المسألة هو الحق الذي لا مَحِيد عنه؛ للأحاديث الصحيحة التي تدل على وجوب الاعتماد على الرؤية، دون غيره من الحساب، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم فيما يثبت به هلال رمضان:

قال النووىّ رحمه اللهُ: مذهبنا ثبوته بعدلين بلا خلاف، وفي ثبوته بعدل خلاف، الصحيح ثبوته، وسواء أَصْحَتِ السماءُ (١)، أو غَيَّمَت.

وممن قال: يثبت بشاهد واحد: عبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وآخرون، وممن قال: يشترط عدلان: عطاء، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والأوزاعيّ، والليث، وابن الماجشون، وإسحاق ابن راهويه، وداود. وقال الثوريّ: يشترط رجلان، أو رجل وامرأتان، كذا حكاه ابن المنذر، وقال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيمة ثبت بشهادة واحد، ولا يثبت غير رمضان إلا


= الهيئة والنجوم الذي لم يأت عن الشارع حرف بصحّته، بل هو من العلم الذي قال الله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: ١٠٢]، والشارع قد أوضح أوقات العبادات، وأناطها بأظهر الواضحات، أفتُرَدُّ الشهادة التي أمر الشارع بقبولها بقول الحاسب؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن غُمّ عليكم، فأتمّوا ثلاثين يومًا، فإن شَهِد شاهدان مسلمان، فصوموا، وأفطروا"، أخرجه أحمد من حديث عبد الرحمن زيد بن الخطّاب، رواه النسائيّ أيضًا، ولم يقل: "مسلمًا". انتهى كلام الصنعانيّ بتصرّف يسير.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره الصنعانيّ رحمه الله بحثٌ ممتعٌ جدًّا، وحديث عبد الرحمن زيد بن الخطّاب حديث صحيح، وقد أوضحت ذلك مع فوائد مهمّة في "شرح النسائيّ" (٢٠/ ٢٨٨ - ٢٩٣)، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم.
(١) يقال: أصحت السماء بالألف، فهي مُصحية: انكشف غَيْمها. قاله في "المصباح".