للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاتم؛ لأن قصّة عديّ متأخّرة عن ذلك، كما سبق ويأتي. انتهى (١). (يَأْخُذُ خَيْطأ أَبْيَضَ، وَخَيْطًا أَسْوَدَ) ولفظ البخاريّ: "فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض، والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبيّن له رؤيتهما … "، من الغريب أنه ذكر في "الفتح" ما نصّه: في رواية فضيل بن سليمان، عن أبي حازم عند مسلم: "لَمّا نزلت هذه الآية جعل الرجل يأخذ خيطًا أبيض، وخيطًا أسود، فيضعهما تحت وسادته، فينظر متى يستبينهما"، قال: ولا منافاة بينهما؛ لاحتمال أن يكون بعضهم فَعَل هذا، وبعضهم فَعَل هذا، أو يكونوا يجعلونهما تحت الوسادة إلى السحر، فيربطونهما حينئذ في أرجلهم ليشاهدوهما. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا النصّ الذي عزاه في "الفتح" إلى مسلم من طريق فضيل، عن أبي حازم ليس موجودًا في النسخ المتداولة بيننا، بل نصّ رواية فضيل هذا الذي نشرحه بين يديك لا ذكر لجعله تحت الوسادة أصلًا، وإنما هذا في حديث عديّ الماضي، اللهمّ إلا أن يكون لدى الحافظ نسخة أخرى بالسياق الذي أورده، فليُنظر، والله تعالى أعلم.

(فَيَأكلُ) وفي نسخة: "ثم يأكل" (حَتَّى يَسْتَبِينَهُمَا) يعني حتى يتبيّن له لونهما، و"استبان" يتعدّى ويلزم، وما هنا من المتعدّي، كما هو ظاهر، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: بان الأمرُ يَبيّنُ، فهو بَيّنٌ، وجاء "بائنٌ" على الأصل، وأبانَ إبانةً، وبيّن، وتبيّن، واستبان، كلُّها بمعنى الوضوح والانكشاف، والاسم: البَيَانُ، وجميعها يُستعمَل لازمًا ومتعدّيًا، إلا الثلاثيّ، فلا يكون إلا لازمًا. انتهى (٣).

وفي الرواية التالية: "حتى يتبيّن له رِأْيهما" بكسر الراء: أي منظرهما (حَتى أنزَلَ اللهُ -عز وجل-: {مِنَ الْفَجْرِ}، فَبَينَ ذَلِكَ) وفي نسخة: "فتبيّن ذلك"؛ أي كون المراد هو بياض الفجر، وسواد الليل، لا بياض الحبل الأبيض وسواد الحبل الأسود، وفي الرواية التالية: "فأنزل الله بعد ذلك مِنَ {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنما يَعنِي بذلك الليل والنهار"، قال القرطبيّ -رحمه الله-: رُوي أنه كان بينهما عامٌ،


(١) "الفتح" ٥/ ٢٦١.
(٢) "الفتح" ٥/ ٢٦١ نسخة البراك.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٧٠.