للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذهب الجمهور إلى وجوب الفدية عليه، وروي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم-، منهم: ابن عمر، وابن عباس، وأبو هرير - رضي الله عنهم -، وقال الطحاويّ، عن يحيى بن أكثم، قال: وجدته عن ستة من الصحابة، لا أعلم لهم مخالفًا.

وذهب إبراهيم النخعيّ، وأبو حنيفة، وأصحابه، إلى أن الفدية لا تجب، وقد مال الإمام البخاريّ إلى هذا القول، فقال في "صحيحه": ولم يذكر الله الإطعام، إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

وقال العلامة الشوكانيّ رحمه الله بعد ذكر الخلاف ما نصّه: وقد بيّنّا أنه لم يثبت في ذلك -أي في وجوب الفدية- عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيء، وأقوال الصحابة لا حجة فيها، وذهاب الجمهور إلى قول لا يدلّ على أنه الحقّ، والبراءة الأصليّة قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها، ولا دليل هاهنا، فالظاهر عدم الوجوب. انتهى كلام الشوكانيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الشوكانيّ رحمه الله من عدم وجوب الفدية في التأخير حسنٌ جدًّا، وهو الذي مال إليه الإمام البخاريّ رحمه الله، كما مرّ آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٦٨٨] ( … ) - (وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -).


(١) انظر: "نيل الأوطار" ٤/ ٢٧٨.