للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع: تقدّم أنه ليس له عند المصنّف سوى حديثين.

(عَنْ أَبِي ذَرٍّ) الغفاريّ - رضي الله عنه -، ووقع عند أحمد في "مسنده" من طريق يحيى بن سعيد، حدثنا هشام، حدثني أبي، أن أبا مراوح الغفاريّ أخبره، أن أبا ذر أخبره، وكذا هو في رواية الإسماعيلي، وذكر الإسماعيلي عددًا كثيرًا نحو العشرين نفسًا رووه عن هشام بهذا الإسناد، وخالفهم مالك فأرسله في المشهور عنه، عن هشام، عن أبيه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورواه يحيى بن يحيى الليثيّ، وطائفة عنه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ورواه سعيد بن داود عنه، عن هشام، كرواية الجماعة، قال الدارقطنيّ: الرواية المرسلة عن مالك أصحّ، والمحفوظ عن هشام كما قال الجماعة. انتهى (١).

(قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ الْأَعْمَالِ أفضَلُ؟ قَالَ: "الإيمَانُ بِالله، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ") ولفظ البخاريّ: "إيمان بالله، وجهاد في سبيله"، والواو هنا بمعنى "ثمّ"، كما قاله ابن حبّان، رحمه الله تعالى.

وقال العينيّ رحمه الله تعالى: وإنما قرن الجهاد بالإيمان؛ لأنه كان عليهم أن يُجاهدوا في سبيل الله حتى تكون كلمة الله هي الْعُليا، وكان الجهاد في ذلك الوقت أفضل الأعمال (٢).

(قَالَ) أبو ذرّ - رضي الله عنه - (قُلْتُ: أَيُّ الرِّقّابِ أفضَلُ؟) أي للعتق، حتى يكون ثوابها أكثر عند الله تعالى، ولأبي عوانة في "مسنده": "فأيّ العتاقة أفضل؟ " (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَنْفَسُهَا) خبر لمحذوف، أي هي أنفسها (عِنْدَ أَهْلِهَا) أي أغبطها، وأجودها، وأرفعها عندهم، والمال النفيس: هو المرغوب فيه، قاله الأصمعيّ، وأصله من التنافس في الشيء الرفيع (٣)، وإنما كان أنفسها أفضل؛ لأن عتق مثل ذلك ما يقع غالبًا إلا خالصًا، وهو كقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (٤)، (وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا") منصوب على التمييز، أي من حيث الثمن، وهذا تفسير لما وقع عند أكثر رواة البخاريّ بلفظ: "أعلاها ثمنًا" بالعين المهملة، وهي رواية النسائيّ أيضًا، وللكشميهنيّ: بالغين المعجمة، وكذا


(١) "فتح" ٥/ ١٧٧.
(٢) "عمدة القاري" ١٢/ ١١٤.
(٣) "المفهم" ١/ ٢٧٧.
(٤) "الفتح" ٥/ ١٧٧.