للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو برفع النون، ووقع في بعض الأصول "عيناها" بالألف. انتهى (١).

وقال ابن دقيق العيد: يجوز فيه وجهان ضمّ النون على الفاعليّة على أن تكون العين هي المشتكية، وفتحها على أن يكون في اشتكت ضمير الفاعل، وهي المرأة، ورجّح هذا. ووقع في بعض الروايات: "عيناها" يعني ويرجّح الضمّ، وهذه الرواية في مسلم (٢)، وعلى الضمّ اقتصر النوويّ، وهو الأرجح، والذي رجّح الأول هو المنذريّ.

(أفَأَكْحُلُهَا؟) بضمّ الحاء المهملة، من باب قتل (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا"، مَرّتَيْن، أَوْ ثَلَاثًا) أي: سألته عن ذلك مرتين، أو ثلاث مرّات (كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا) وفي رواية شعبة، عن حميد بن نافع، فقال: "لا تكتحل"، قال النوويّ: فيه دليلٌ على تحريم الاكتحال على الحادّة، سواء احتاجت إليه، أم لا، وجاء في حديث أم سلمة - رضي الله عنها - في "الموطإ" وغيره: "اجعليه بالليل، وامسحيه بالنهار".

ووجه الجمع أنَّها إذا لَمْ تحتج إليه لا يحلّ، وإذا احتاجت لَمْ يجز بالنهار، ويجوز بالليل، مع أن الأولى تركه، فإن فعلت مسحته بالنهار.

قال: وتأوّل بعضهم حديث الباب على أنه لَمْ يتحقّق الخوف على عينها.

وتُعُقّب بأن في حديث شعبة المذكور "فخشُوا على عينها"، وفي رواية ابن منده المتقدّم ذكرها: "رَمِدت رَمَدًا شديدًا، وقد خَشِيت على بصرها"، وفي رواية الطبرانيُّ أنَّها قالت في المرّة الثانية: "إنها تشتكي عينها فوق ما يظنّ، فقال: لا"، وفي رواية القاسم بن أصبغ، أخرجها ابن حزم: "إني خشيت أن تنفقئ عينها، قال: لا، وإن انفقأت"، وسنده صحيح، وبمثل ذلك أفتت أسماء بنت عُميس، أخرجه ابن أبي شيبة، وبهذا قال مالك في رواية عنه بمنعه مطلقًا، وعنه يجوز إذا خافت على عينها بما لا طيب فيه، وبه قال الشافعيّة مقيّدًا بالليل.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١١٣.
(٢) هو في بعض نسخ مسلم، كما نبّه عليه النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.