للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد اختلف العلماء فيمن وجد مع امرأته رجلًا، فقتله، هل يُقتل به، أم لا؟ وسيأتي بيان ذلك في المسألة السابعة - إن شاء الله تعالى -.

(أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟) يَحْتَمِل أن تكون "أم" متّصلة، والتقدير: أم يصبر على ما به من المضض؟ ويَحْتَمِل أن تكون منقطعة بمعنى الإضراب؛ أي: بل هناك حكم آخر لا يعرفه، ويريد أن يطّلع عليه، فلذلك قال: "سَلْ لي يا عاصم"، وإنما خصّ عاصمًا بذلك لما تقدّم من أنه كان كبير قومه، وصهره على ابنته، أو ابن أخيه، ولعله كان اطّلع على مخايل ما سأل عنه، لكن لم يتحقّقه، فلذلك لم يُفصح به، أو اطّلع حقيقة، لكن خَشِي إذا صرّح به من العقوبة التي تضمّنها من رمي المحصنة بغير بينة، أشار إلى ذلك ابن العربيّ. قال: ويَحْتَمِل أن يكون لم يقع له شيء من ذلك، لكن اتَّفَق أنه وقع في نفسه إرادة الاطّلاع على الحكم، فابتُلي به، كما يُقال: البلاء موكّلٌ بالمنطق، ومن ثمّ قال: إن الذي سألتك عنه قد ابتُليت به.

وسيأتي في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الآتي بعد هذا في قصّة العجلانيّ: "فقال: أرأيت إن وجد رجلٌ مع امرأته رجلًا، فإن تكفم به تكلّم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك؟ ".

وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - عنده أيضًا: "إن تكلّم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ"، وهذه أتمّ الروايات في هذا المعنى.

(فَسَلْ) أصله "اسأل"، فنُقلت حركة الهمزة إلى السين، بعد حذفها للتخفيف، واستُغني عن همزة الوصل، فحُذفت، فصار "سَلْ"، على وزن "فَلْ" (لِي عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصمُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ، وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) "كَبُرَ" بفتح الكاف، وضمّ الموحّدة؛ أي: عظُم، وزنًا ومعنًى، وسببه أن الحامل لعاصم على السؤال غيره، فاختصّ هو بالإنكار عليه، ولهذا قال لعويمر لَمّا رجع، فاستفهمه عن الجواب: لم تأتني بخير.

وسبب كراهته - صلى الله عليه وسلم - السؤال ما قاله الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كانت المسائل فيما لم يَنزل فيه حكم زمن نزول الوحي ممنوعةً؛ لئلا ينزل الوحي بالتحريم فيما لم يكن قبل ذلك مُحَرَّمًا، فيحرم، ويشهد له الحديث المخرَّج في "الصحيح":