قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بطهارة الكلب هو الحقّ، ولا يلزم منه التعارض مع الأمر بغسل ولوغه؛ لأن ذلك لدليل خاصّ به، فتأمل، والله تعالى أعلم.
٨ - (ومنها): أن فِيه الْحَثَّ عَلَى تَكْثِير الْأَعْمَال الصَّالِحَة، وَالتَّحْذِيرَ مِنَ الْعَمَل بمَا يَنْقُصهَا، وَالتَّنْبيه عَلَى أَسْبَاب الزِّيَادَة فِيهَا، وَالنَّقْص مِنْهَا؛ لِتُجْتَنَب، أَوْ تُرْتَكَب.
٩ - (ومنها): أن فيه بَيَانَ لُطْف الله تَعَالَى بِخَلْقِه، فِي إِبَاحَة مَا لَهُمْ بِهِ نَفْع.
١٠ - (ومنها): أنه - صلى الله عليه وسلم - بيّن لأمته كلّ ما يحتاجون إليه، من أُمُور مَعَاشهمْ، وَمَعَادهمْ.
١١ - (ومنها): أن فِيهِ تَرْجِيحَ الْمَصْلَحَة الرَّاجِحَة عَلَى الْمَفْسَدَة؛ لِوُقُوعِ اسْتِثْنَاء مَا يُنْتَفَع بِه، مِمَّا حَرُمَ اتِّخَاذه.
١٢ - (منها): ما قَالَ الحافظ ابْن عَبْد الْبَرّ - رحمه الله -: فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة اتِّخَاذ الْكِلَاب لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَة، وَكَذَلِكَ الزرْع؛ لِأنَّهَا زِيادَة حَافِظ، وَكَرَاهَة اتِّخَاذهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا أنَّهُ يَدْخُل فِي مَعْنَى الصَّيْد وَغَيْره، مِمَّا ذُكِرَ اتِّخَاذهَا لِجَلْبِ الْمَنَافِع، وَدَفْع الْمَضَارّ قِيَاسًا، فَتَمَحَضَّ كَرَاهَة اتِّخَاذهَا لِغَيْرِ حَاجَة؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْوِيع النَّاس، وَامْتِنَاع دُخُول الْمَلَائِكَة لِلْبَيْتِ الَّذِي هُمْ فِيه، قال: وَفي قَوْله: "نَقَصَ مِنْ عَمَله" - أي: مِنْ أَجْر عَمَله - مَا يُشِير إِلَى أَنَّ اتِّخَاذهَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ اتِّخَاذه مُحَرَّمًا، امْتَنَعَ اتِّخَاذه عَلَى كُلّ حَال سَوَاء نَقَصَ الْأَجْرَ، أَوْ لَمْ يَنْقُص، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذهَا مَكْرُوه، لَا حَرَام، قَالَ: وَوَجْه الْحَدِيث عِنْدِي أَنَّ الْمَعَانِي الْمُتَعَبَّد بِهَا فِي الْكِلَاب، مِنْ غَسْل الْإنَاء سَبْعًا، لَا يَكَاد يَقُوم بِهَا الْمُكَلَّف، وَلَا يَتَحَفَّظ مِنْهَا، فَرُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ بِاتِّخَاذِهَا مَا يَنْقُص أَجْره مِنْ ذَلِكَ.
ويُرْوَى أَن الْمَنْصُور، سَأَلَ عَمْرو بْن عُبَيْد، عَن سَبَب هَذَا الْحَدِيث، فَلَمْ يَعْرِفهُ، فَقَالَ الْمَنْصُور: لِأَنَّهُ يَنْبَح الضَّيْف، ويُرَوِّع السَّائِل. انتهى.
وتعقّبه الحافظ - رحمه الله - فقال: مَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَم التَّحْرِيم، وَاسْتَنَدَ لَهُ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute