للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التَّنْفِير مِنْ ذَلِكَ، فَسَمِعَهُ الرَّاوِي الثَّانِي. وَقِيلَ: يَنْزِل عَلَى حَالَيْنِ: فَنُقْصَان الْقِيرَاطَيْنِ بِاعْتِبَارِ كَثْرَة الْأَضْرَار بِاتِّخَاذِهَا، وَنَقْص الْقِيرَاط بِاعْتِبَارِ قِلَّته. وَقِيلَ: يَخْتَصّ نَقْص الْقِيرَاطَيْنِ بِمَنْ اتَّخَذَهَا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة خَاصَّة، وَالْقِيرَاط بِمَا عَدَاهَا. وَقِيلَ: يَلْتَحِق بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ سَائِر الْمُدُن وَالْقُرَى، وَيَخْتَصّ الْقِيرَاط بِأَهْلِ الْبَوَادِي، وَهُوَ يَلْتَفِت إِلَى مَعْنَى كَثْرَة التَأَذِّي وَقِلَّته. وَكَذَا مَنْ قَالَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِي نَوْعَيْنِ مِنَ الْكِلَاب: فَفِيمَا لَابسه آدمِيّ قِيرَاطَان، وَفِيمَا دُونه قِيرَاط. وَجَوَّزَ ابْن عَبْد الْبَرّ أَنْ يَكُون الْقِيرَاط الَّذِي يَنْقُص أَجْر إِحْسَانه إِلَيْهِ؛ لِأَنَهُ مِنْ جُمْلَة ذَوَات الْأَكْبَاد الرَّطْبَة، أَوْ الْحَرَّى، وَلَا يَخْفَى بُعْده، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الاختلاق المذكور في تعيين نوع العمل الذي نقص منه القيراط، أو القيراطان، مما لا فائدة فيه، قال بعض المحقّقين: لا سبيل إلى تعيين هذا بالقياس، فإن مثله يتوقّف على السماع، ولم يوجد، فلسنا بحاجة إلى تعيين ذلك، ومقصود الشارع أن اقتناء الكلب بدون حاجة ينقص من عمل الشخص قيراطين كلّ يوم، فيجب أن يُحذر منه، وليس عندنا ما نتحقّق به قدر القيراطين، ولا تعيين أعمال ينقص منها ذلك القدر، فلا حاجة إلى الخوض في أمثال هذه المباحث، قال: ويُعجبني قول الأُبيّ - رحمه الله -: والله أعلم بمراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذِكْر القيراط هنا تقدير لمقدار الله أعلم به، والمراد به نقص جزءٍ ما. انتهى (٢)، وهو بحث مهمّ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: اخْتُلِفَ فِي الْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا، هَلْ هُمَا كَالْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورينِ فِي الصَّلَاة عَلَى الْجِنَازَة، وَاتِّبَاعهَا؟ فَقِيلَ: بِالتَّسْوِيَةِ. وَقِيلَ: اللَّذَانِ فِي الْجِنَازَة مِنْ بَاب الْفَضْل، وَاللَّذَانِ هُنَا مِنْ بَاب الْعُقُوبَة، وَبَاب الْفَضْل أَوْسَع مِنْ غَيْره، قاله في "الفتح" (٣).


(١) "الفتح" ٦/ ١١٦ - ١١٧.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ١/ ٥٤٠.
(٣) "الفتح" ٦/ ١١٧.