عن أبي المتوكل، فلم يتعرض للشرط إثباتًا ولا نفيًا، ورواه أحمد من هذا الوجه، بلفظ:"أتبيعني جملك؟ قلت: نعم، قال: أقدم عليه المدينة"، ورواه أحمد من طريق أبي هبيرة، عن جابر، بلفظ:"فاشترى مني بعيرًا، فجعل لي ظهره حتى أقدم المدينة"، ورواه ابن ماجه، وغيره، من طريق أبي نضرة، عن جابر، بلفظ:"فقلت: يا رسول الله، هو ناضحك، إذا أتيت المدينة"، ورواه أيضًا عن جابر نُبَيحٌ الْعَنَزِيّ، عند أحمد، فلم يذكر الشرط، ولفظه:"قد أخذته بوقية، قال: فنزلت إلى الأرض، فقال: ما لك؟ قلت: جملك، قال: اركب، فركبت حتى أتيت المدينة"، ورواه أيضًا من طريق وهب بن كيسان، عن جابر، فلم يذكر الشرط، قال فيه:"حتى بلغ أوقية، قلت: قد رضيتَ؟ قال: نعم، قلت: فهو لك، قال: قد أخذته، ثم قال يا جابر: هل تزوجت؟ "، الحديث.
قال الحافظ: وما جنح إليه البخاريّ، من ترجيح رواية الاشتراط، هو الجاري على طريقة المحققين، من أهل الحديث؛ لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح المتن، إذا وقع فيه الاختلاف، إلا إذا تكافأت الروايات، وهو شرط الاضطراب، الذي يُرَدُّ به الخبر، وهو مفقود هنا، مع إمكان الترجيح.
قال ابن دقيق العيد: إذا اختلفت الروايات، وكانت الحجة ببعضها دون بعض، تَوَقَّف الاحتجاجُ بشرط تعادل الروايات، أما إذا وقع الترجيح لبعضها، بأن تكون رُواتُها أكثر عددًا، أو أتقن حفظًا، فيتعيّن العمل بالراجح، إذ الأضعف لا يكون مانعًا من العمل بالأقوى، والمرجوحُ لا يمنع التمسك بالراجح.
وقد جنح الطحاويّ إلى تصحيح الاشتراط، لكن تأوّله بأن البيع المذكور، لم يكن على الحقيقة؛ لقوله في آخره:"أتُراني ماكستك … إلخ"، قال: فإنه يُشعر بأن القول المتقدم، لم يكن على التبايع حقيقة.
وردّه القرطبي بأنه دعوى مجردة، وتغيير، وتحريف، لا تأويل، قال: وكيف يَصنَع قائله في قوله: "بعته منك بأوقية"، بعد المساومة؟ وقوله:"قد أخذته"؟ وغير ذلك من الألفاظ المنصوصة في ذلك.
واحتج بعضهم بأن الركوب، إن كان من مال المشتري، فالبيع فاسد؛ لأنه شَرَطَ لنفسه ما قد ملكه المشتري، وإن كان من ماله ففاسد؛ لأن المشتري