للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأجر، وتزداد درجاتهم رفعةً، وليتأسى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره، والعاقبة للمتقين، قال القاضي عياض رحمه الله: وليُعْلَم أنهم من البشر، تصيبهم مِحَنُ الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر؛ لِيُتَيَقَّنَ أنهم مخلوقون، مربوبون، ولا يُفْتَتَن بما ظهر على أيديهم من المعجزات، وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبَّسه على النصارى وغيرهم، حتى اعتقدوا في عيسى عليه السلام أنه إله. انتهى (١).

٢ - (ومنها): جواز التداوي، ومعالجة الجراح، واتخاذ التُّرْس في الحرب، وأن جميع ذلك لا يَقْدَح في التوكل؛ لصدوره من سيد المتوكلين - صلى الله عليه وسلم -، مع قول الله تعالى له: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} الآية [الفرقان: ٥٨].

٣ - (ومنها): أن فيه مباشرةَ المرأة لأبيها، وكذلك لغيره من ذوي محارمها، ومداواتها لأمراضهم، وقد احتجّ البخاريّ رحمه الله به على جواز إبداء المرأة زينتها لأبيها، وكذا لسائر من ذُكر في آية: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] وهو احتجاج واضحٌ.

٤ - (ومنها): أن فيه إشعارًا بأن الصحابة والتابعين كانوا يتّبعون أحوال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء حتى في مثل هذا، فإن الذي يُداوى به الجرح لا يختلف الحكم فيه، إذا كان طاهرًا، ومع ذلك فترددوا فيه، حتى سألوا مَن شاهد ذلك، وهو سهل بن سعد - رضي الله عنهم -.

٥ - (ومنها): مشروعيّة التداوي برماد الحصير.

قال في "الفتح": وقد كان أبو الحسن القابسيّ يقول: وَدِدْنا لو علمنا ذلك الحصير، مم كان؟ لنتخذه دواء لقطع الدم.

قال ابن بطال (٢): قد زعم أهل الطبّ أن الحصير كلّها إذا أُحرقت تُبطل


(١) "إكمال المعلم" ٦/ ١٦٤.
(٢) راجع: "شرح ابن بطّال على البخاريّ" ٩/ ٤٢٠.