للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) سعد بن عبادة - رضي الله عنه - (اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ الله، وَاصْفَحْ)؛ أي: تجاوز عنه، وأصل الصفح: هو الإعراض بصفْحة الوجه، كأنه أعرض بوجهه عن ذنبه، قال ابن الأثير (١).

(فَوَاللهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللهُ الَّذِي أَعْطَاكَ) من النبوّة والرسالة، (وَلَقَدِ اصْطَلَحَ)؛ أي: اتّفَقَ (أَهْلُ هَذه الْبُحَيْرَةِ) بصيغة التصغير، قال القاضي عياض: ورويناه في غير مسلم: "الْبَحْرَة" غير مصغّر (٢).

وفي رواية للبخاريّ: "أهل هذه البحرة" بالتكبير، قال في "الفتح": هذا اللفظ يُطلق على القرية، وعلى البلد، والمراد به هنا: المدينة النبوية، ونقل ياقوت أن البحرة من أسماء المدينة النبوية. انتهى.

وقال في "العمدة": قوله: "البحرة" - بفتح الباء الموحّدة، وسكون الحاء المهملة -: البلدة، يقال: هذه بحرتنا؛ أي: بلدتنا. انتهى (٣).

(أَنْ يُتَوِّجُوهُ)؛ أي: يجعلوا التاج على رأسه، وهو كناية عن المُلك؛ أي: يجعلونه مَلِكًا، (فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ)؛ أي: يَشُدّوا عِصَابة السيادة على رأسه، وقال النوويّ - رحمه الله -: معناه: اتّفقوا على أن يجعلوه مَلِكهم، وكان من عادتهم إذا ملّكوا إنسانًا أن يُتوّجوه، ويعصّبوه. انتهى (٤).

وقال القاضي عياض: "يُعصّبوه"؛ أي: يسوّدوه، وكانوا يُسمّون السيّد المطاع: مُعصّبًا؛ لأنه يُعَصّب بالتاج، أو يُعصّب به أمور الناس، وكان أيضًا يقال له: الْمُعَمَّم، والعمائم تيجان العرب، وهي العصائب، قال: قد يكون هنا: "يُعصّبوه" على وجهه، لا سيما مع قوله: "بالعصابة"، وهذا بيان أنه حقيقة لا مجازٌ؛ أي: يربطون له عصابة الرئاسة والملك، فقد ذكر ابن إسحاق، وأصحاب السير في هذا الخبر: "فوالله لقد جاء الله بك، وإنا لننظم له الْخَرَز؛ لنتوجه، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكًا". انتهى (٥).


(١) "النهاية" ٣/ ٣٤.
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ١٧٣.
(٣) "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ" ٣١/ ٢٦٨.
(٤) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٥) "إكمال المعلم" ٦/ ١٧٤.