للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كناية عن الجهنميّ؛ إذ معناه: تبت يدا الجهنميّ، فهو مُتَعقَّب؛ لأن الكنية لا نظر فيها إلى مدلول اللفظ، بل الاسم إذا صُدِّر بأمّ، أو أب، فهو كنية.

سلَّمنا لكن اللهب لا يختص بجهنم، وإنما المعتمد ما قاله غيره أن النكتة في ذكره بكنيته، أنه لمّا عَلِم الله تعالى أن مآله إلى النار ذات اللهب، ووافقت كنيته حاله حَسُن أن يُذكر بها.

وأما ما استشهد به النوويّ من الكتاب إلى هرقل، فقد وقع في نفس الكتاب ذِكْره بـ "عظيم الروم"، وهو مشعر بالتعظيم، واللقبُ لغير العرب؛ كالكنى للعرب، وقد قال النوويّ في موضع آخر:

[فرع]: إذا كَتَب إلى مشرك كتابًا، وكَتَب فيه سلامًا، أو نحوه، فينبغي أن يَكتب كما كَتب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل، فذَكَر الكتاب، وفيه: "عظيم الروم"، وهذا ظاهره التناقض.

قال الحافظ: وقد جمع أَبِي - رحمه الله - في نُكَت له على "الأذكار" بأن قوله: "عظيم الروم" صفة لازمة لهرقل، فإنه عظيمهم، فاكتفى به - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: "ملك الروم"، فإنه لو كتبها لأمكن هرقل أن يتمسك بها في أنه أقرّه على المملكة، قال: ولا يَرِدُ مثل ذلك في قوله تعالى حكاية عن صاحب مصر: {وَقَالَ الْمَلِكُ} [يوسف: ٤٣]؛ لأنه حكاية عن أمر مضى، وانقضى، بخلاف هرقل. انتهى.

قال الحافظ: وينبغي أن يُضَمّ إليه أن ذِكْر عظيم الروم، والعدول عن ملك الروم، حيث كان لا بُدّ له من صفة تميزه عند الاقتصار على اسمه؛ لأن من يتسمى بهرقل كثير، فقيل: "عظيم الروم"؛ ليميّز عمن يتسمى بهرقل، فعلى هذا فلا يُحتجّ به على جواز الكتابة لكل ملك مشرك بلفظ: "عظيم قومه"، إلا إن احتيج إلى مثل ذلك للتمييز، وعلى عموم ما تقدم من التألّف، أو من خشية الفتنة يجوز ذلك بلا تقييد، والله أعلم.

وإذا ذَكَر قيصر، وأنه لقب لكل من ملك الروم، فقد شاركه في ذلك جماعة من الملوك، ككسرى لملك الفرس، وخاقان لملك الترك، والنجاشي لملك الحبشة، وتُبّع لملك اليمن، وبطليوس لملك اليونان، والقطنون لملك اليهود، وهذا في القديم، ثم صار يقال له: رأس الجالوت، ونمرود لملك الصابئة، ودهمي لملك الهند، وقور لملك السند، ويعبور لملك الصين، وذو