المغرب، لو كان قبل نزول عيسى لم ينفع الكفار إيمانهم في زمانه، ولكنه ينفعهم؛ إذ لو لم ينفعهم لَمَا صار الدين واحدًا بإسلام من أسلم منهم.
قال البيهقيّ: وهو كلام صحيح، لو لم يعارض الحديث الصحيح المذكور:"إن أول الآيات طلوع الشمس من المغرب"، وفي حديث عبد الله بن عمرو:"طلوع الشمس، أو خروج الدابة"، وفي حديث أبي حازم، عن أبي هريرة الجزم بهما، وبالدجال في عدم نفع الإيمان.
قال البيهقيّ: إن كان في علم الله أن طلوع الشمس سابقٌ احتَمَل أن يكون المراد نفي النفع عن أنفس القرن الذين شاهدوا ذلك، فإذا انقرضوا، وتطاول الزمان، وعاد بعضهم إلى الكفر، عاد تكليفه الإيمانَ بالغيب، وكذا في قصة الدجال، لا ينفع إيمانُ من آمن بعيسى عند مشاهدة الدجال، وينفعه بعد انقراضه، وإن كان في علم الله طلوع الشمس بعد نزول عيسى، احتَمَلَ أن يكون المراد بالآيات في حديث عبد الله بن عمرو آيات أخرى غير الدجال، ونزول عيسى؛ إذ ليس في الخبر نَصّ على أنه يتقدم عيسى.
قال الحافظ: وهذا الثاني هو المعتمد، والأخبار الصحيحة تخالفه، ففي "صحيح مسلم" من رواية محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رفعه:"مَن تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه"، فمفهومه أن من تاب بعد ذلك، لم تقبل، ولأبي داود، والنسائيّ من حديث معاوية، رفعه:"لا تزال تقبل التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"، وسنده جيّد، وللطبراني عن عبد الله بن سلام نحوه، وأخرج أحمد، والطبريّ، والطبرانيّ، من طريق مالك بن يُخَامِر - بضم التحتانية، بعدها خاء معجمة، وبكسر الميم - وعن معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو، رفعوه:"لا تزال التوبة مقبولةً، حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طَبَعَ الله على كلِّ قلبٍ بما فيه، وكُفِيَ الناس العملَ"، وأخرج أحمد، والدارميّ، وعبد بن حميد في "تفسيره" كلهم من طريق أبي هند، عن معاوية، رفعه:"لا تنقطع التوبة، حتى تطلع الشمس من مغربها"، وأخرج الطبريّ بسند جيِّد من طريق أبي الشَّعْثاء، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا: التوبة مفروضة ما لم تطلع الشمس من مغربها. وفي حديث صفوان بن عَسّال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن بالمغرب بابًا