البحرين، وهي من مساكن عبد القيس، وقد سبقوا غيرهم من القرى إلى الإسلام، كما سبق بيانه في "كتاب الإيمان"، ووقع في بعض نُسخ أبي ذرّ:"أو الهجر" بزيادة ألف ولام، والأول أشهر، وزعم بعض الشراح أن المراد بهجر هنا قرية قريبة من المدينة، وهو خطأ، فإن الذي يناسب أن يُهاجَر إليه لا بدّ، وأن يكون بلدًا كبيرًا كثير الأهل، وهذه القرية التي قيل: إنها كانت قرب المدينة، يقال لها: هجر، لا يعرفها أحدٌ، وإنما زعم ذلك بعض الناس في قوله:"قِلال هجر" أن المراد بها قرية كانت قرب المدينة، كان يُصنع بها القلال.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تعقّب العينيّ قول الحافظ: "لا بد وأن يكون بلدًا كبيرًا … إلخ"، فراجع كلامه في "عمدته".
قال: وزعم آخرون بأن المراد بها: هَجَر التي بالبحرين؛ كأن القلال كانت تُعمل بها، وتُجلب إلى المدينة، وعُملت بالمدينة على مثالها، وأفاد ياقوت أن هَجَر أيضًا بلد باليمن، فهذا أَولى بالتردد بينها وبين اليمامة؛ لأن اليمامة بين مكة واليمن. انتهى.
(فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ) كلمة "إذا" للمفاجأة، وكلمة "هي" ترجع إلى أرض بها نخل، وهو مبتدأ، و"المدينة" بالرفع خبره، وقوله:"يثرب" بالرفع أيضًا عطف بيان، أو بدل وهو بفتح الياء آخر الحروف، وسكون الثاء المثلثة، وكسر الراء، ثم باء موحّدة؛ اسم مدينة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو غير منصرف.
والنهي الذي ورد عن تسمية المدينة بيثرب، إنما كان للتنزيه، وإنما جَمَع بين الاسمين هنا لأجل خطاب من لا يعرفها.
وفي "التوضيح": وقد نُهِي عن التسمية بيثرب، حتى قيل: من قالها، وهو عالم كُتبت عليه خطيئة، وسببه ما فيه من معنى التثريب، والشارع من شأنه تغيير الأسماء القبيحة إلى الحسنة، ويجوز أن يكون هذا قبل النهي، كما أنه سمّاها في القرآن إخبارًا به عن تسمية الكفار لها قبل أن ينزل تسميتها، قاله في "العمدة".
وقال في "الفتح": قوله: "فإذا هي المدينة، يثرب" كان ذلك قبل أن
يسمِّيها -صلى الله عليه وسلم- طيبة، ووقع عند البيهقيّ من حديث صهيب، رفعه: "أُريت دار